Sunday, September 09, 2012

'لم تذكرهم نشرة الأخبار'.. رواية استشرفت الثورة المصرية

إلى جانب الاجتماعي في رواية انتصار عبدالمنعم يوجد السياسي الذي تعلو

....نبرة الاحتجاج فيه لتكشف عن ارتباط السلطة برأس المال.

الإسكندرية ـ في الندوة التي أقامها مختبر السرديات بمكتبة الاسكندرية لمناقشة رواية "لم تذكرهم نشرة الأخبار/وقائع سنوات التيه" للكاتبة الروائية انتصار عبدالمنعم، قال الناقد الدكتور محمد عبدالحميد إن هناك الكثير مما يمكن قوله عن هذه الروائية الاستشرافية، فما بها من أحداث سياسية وانعكاساتها على الوضع الاجتماعي يفسر لماذا كانت الثورة شيئا حتميا، وأنه أعد دراسة كاملة عن الرواية كواحدة من الروايات الصادرة قبل الثورة والتي استشرفت حتمية التغيير بثورة على الفساد السياسي الذي صاحبه فساد اجتماعي وحالة التيه التي يعيش فيها أفراد الشعب بحثا عن العمل والكرامة والعدالة الاجتماعية.

ثم ذكر بعض النقاط التي جاءت في دراسته المطولة مشيرا إلى أن هناك أكثر من مدخل أو منهج لقراءة الرواية، ورغم ما يبدو من وضوح لغة النص الروائي بها، ورغم واقعيته ودلالالته التي جاءت بسلاسة ويسر دون ترهل أو زيادة، إلا أن النص به بعض السمات الحداثية باحتوائه على بعض النصوص الغائبة. فإلى جانب النص الاجتماعي يوجد النص السياسي الذي تعلو نبرة الاحتجاج فيه لتكشف عن الفساد السياسي في ارتباط السلطة برأس المال.

كذلك هناك كثير من المشاهد المتميزة التي تشرك وتورط فيها القارئ ليصبح متفاعلا مثل حادث القبض على الشاب ناصر وتعذيبه في شوارع المعمورة وانتهاك جسده أمام المارة، وهناك مشهد القبض على ماجد وقد حسبوه مشاركا في المظاهرات ضد الحكومة، ومرورا بالنقاشات مع نتاشا راقصة البلشوي اليهودية عن التطبيع والعمل في اسرائيل كبديل للموت غرقا في قوارب الهجرة غير الشرعية، ثم مشهد تسلله إلى اسرائيل عندما انهار الحاجز الأمني في رفح.

وأضاف دكتور محمد عبد الحميد، أن لغة النص من أفضل جماليات الرواية، فللكاتبة لغة بسيطة من نوع خاص، حيث أحسنت اختيار الألفاظ التي تحولت إلى سبيكة متميزة من الصعب استبدالها بنصوص أخرى، او الإتيان بلفظة أخرى لتحل محل ما استخدمته الكاتبة. وهذا ينبيء عن امتلاك الكاتبة لمعجمها اللغوي الخاص بها والذي أحسنت استخدامه بقدر كبير ومدهش في آن واحد.

وأضاف أن هناك المزيد من الجماليات ومنها على سبيل المثال لا الحصر دينامية السرد، فالأحداث طازجة متطورة ومتجددة وفي كل موقف أو مشهد يكتشف القارئ شيئا جديدا بحيث لا يوجد سكون يبعث على الملل ولا زيادة تؤدي إلى ضياع ناصية السرد من الكاتبة.

ثم بدأ دكتور شوكت المصري حديثه مثنيا على الرواية والتي أدهشته كونها الرواية الأولى لانتصار عبدالمنعم. ثم أضاف أن في رواية "لم تذكرهم نشرة الأخبار" من الممكن ملاحظة ثلاثة أشياء في السرد، فهناك الكتابة بوعي الأنثى، والرصد بعين الأنثى، والاحساس بقلب الأنثى. فالأنثى عندما تعي تدخل في مرحلة اكتشاف الجسد والجنس والأمومة وهذا ما حدث في الرواية.

أما عملية الرصد فقد جاءت للتفاصيل الصغيرة وخاصة داخل المكان، والمكان الوحيد الذي رصدته بتفاصيله وبدقة كان لمدينة (جدة) حيث وصفت تناقضات برودة الشوارع الحارة والرطبة معتمدة على المشهدية في وصفها. أما بالنسبة للإحساس بقلب الأنثى فجاء في مشاهد مؤثرة منها ما أبكاه مثل مشهد موت الأم ووصف المشاعر والأحاسيس في العلاقات الانسانية.

وأضاف المصري، أن هناك ثلاث امكانات لقراءة عنوان الرواية، سواء مكتملا أو مجتزئا وفي كل حالة هناك عنصر غائب في العنوان باستحضار واضافة أناس وليس أحداثا لتصبح الرواية "من لم تذكرهم نشرة الأخبار". كذلك هناك ارتباط بين العنوان وفصول الرواية التي تكونت من 31 فصلا كعدد أيام الشهر وكأن هناك نشرة يومية تكتبها انتصار عبدالمنعم، مع ملاحظة أن الفصل 32 جاء مثل حلم لا نعلم إن كان حدث أم لا فهو الحلم أو التوهم بالعودة إلى البدايات حيث أنهت الرواية بطريقة دائرية كسرت بها التقليدية.

ومما لفت نظره في الرواية أيضا، طريقة تعامل الروائية مع شخوص الرواية. فمن هم في المتن تجعلهم في الهامش، ومن في الهامش تجعلهم في المتن. بحيث ينطبق عليها مقولة (إن كل شخصية في الرواية هي بطلة متتاليتها الخاصة) وهذا ما فعلته الكاتبة فكل شخصية بطلة عندما تتعامل معها. كذلك قامت الكاتبة باختبار شخوصها وأخضعتهم للتجربة حسب ثلاثة معايير نطقت بهم ثلاث مقولات تضمنتها الرواية للكاتب الكبير احسان عبد القدوس عن الحرية، ومقولة وايلدر عن الحب كشيء يربط بن الأحياء والأموات، ومقولة سوفوكليس عن أهوال الحياة وصعابها التي ينجح في تحملها الانسان ويفشل عند مواجهة الموت.

وهكذا أخضعت الكاتبة أبطال الرواية للتجربة قياسا على (الحرية، والحب، والمعاناة) ليرسب الذكور وتنجح نادية إلى حد ما ولكن على حساب نفسها وأعصابها.

وفي بداية الندوة أشار الأديب منير عتيبة المشرف على مختبر السرديات، أن انتصار عبدالمنعم تعتبر (حالة سكندرية خاصة) ما إن بدأت في الحضور على الساحة الأدبية منذ خمس سنوات حتى انطلقت وأصبح لها اسمها في مجالات متعددة منها القصة والرواية والنقد والعمل الصحفي. وحصلت على جائزة احسان عبدالقدوس في القصة القصيرة، وجائزة دكتور عبدالغفار مكاوي عن مجموعتها (عندما تستيقظ الأنثى) وتم تكريمها عن أديبات مصر في أول مؤتمر لأدباء مصر بعد الثورة 2011.

http://www.middle-east-online.com/?id=138718

http://www.middle-east-online.com/meoicons/headers/newsb.gif


Sunday, September 02, 2012

"لم تذكرهم نشرة الأخبار"للروائية انتصار عبد المنعم في مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية