Saturday, December 13, 2014

صـــدرت عن دار المعارف، في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015، وفي جناح دار المعارف ، .( تنويعات على ذات الرحلة)...مجموعة قصصية


صـــدر عن دار المعارف، وقريبا، في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015، وفي جناح دار المعارف ، كتابي الجديد..( تنويعات على ذات الرحلة)...مجموعة قصصية

Thursday, July 31, 2014

رواية ( جامعــة المشيــر) مصر بعد مئة عام من ثورتها...


/مجلة الدوحة/أسامة الزيني
بلغة منتمية إلى عالم الأسطورة، وببناء أقرب إلى كتابة الأساطير
 نجحت انتصار عبد المنعم في أن تكتب أسطورتها الخاصة وأسطورة وطنها وأسطورة مدينتها الإسكندرية، باختيارها مستويين للسرد داخل روايتها «جامعة المشير؛ مئة عام من الفوضى» (الهيئة المصرية العامة للكتاب). كلاهما خارج الزمن الراهن، الذي أصبح اعتبارياً داخل العمل- زمناً مستدعى على طريقة الـ (FLASH BACK) تطالعه أبطال القصة الفنتازية التي يفترض أن الأحداث الآنية تدور في زمنها المتخيَّل بعد مئة عام.
يدور الشطر الثاني من وقائع (جامعة المشير) القصة في زمن افتراضي بعد مئة عام من الآن. ويبدأ سيناريو الأسئلة الضاربة في عمق القلق العام على مستقبل مصر الدولة التي تتطلَّع إلى واقع مغاير لواقع ما قبل الثورة، وكأن انتصار تسأل من وراء ستار: هل بعد 100 عام من هذه الثورة سنكون وطناً آخر قوياً بوسعه حماية عقوله المبدعة من الاغتيالات الغامضة على أيدي أجهزة الاستخبارات الأجنبية؟ ثم تجيب الإجابة الصادمة: «لا»؛ لأن مصيرهم جميعاً هم وبقية الأبطال كان الإلقاء بهم في (الحامض) وسيلة الإعدام الجديدة في دولة (مصر الشمالية) إحدى ثلاث دويلات يفترض أن تُقَسَّم مصر إليها، وفق مخيلة الراوية، (مصر الشمالية)، و(قبطستان)، و(مملكة النوبة)، في رؤية بالغة السوداوية لمآل مشهد الفوضى العارم الذي تعيشه مصر ما بعد الثورة.
تدور الرواية بين زمنين، ليس بينهما الزمن الذي نعيشه الآن على الإطلاق، فالرسائل التي تركتها أم الجدة (حنا/حنان) ووقعت عليها يدا حفيدها (مينا/عادل) كلها تحكي مشاهد الثورة، يوم 25 يناير، فيما تدور أحداث القصة في زمن قراءة الرسائل التي يتناقلها الأبطال خلسة في دولة جديدة تنشأ على مدار مئة عام، مصير كل من يعارض 
حكامها الجدد الإعدام رمياً في الحامض المركَّز.
يفتح التوغُّل في سطور الرسائل المضمَّنة في الرواية باب عالم الأسطورة على مصراعيه، حين تبدأ حكايات الجدة لحفيدها الصغير عن «أميرة البراري، وعن بطل تقول إنه حارب التنين، عن كنيسة كبرى كانت في محطة الرمل التي أصبحت الآن فارغة إلا من المعبد الكبير والحدائق المحيطة به»، وعن «كنيسة أخرى، قالت إنها احتفظت بما تبقى من جثامين شهداء ماتوا وهم يحتفلون ليلة الميلاد»، وعن مريم فكري العروس الأبدية، وعن مكتبة الإسكندرية و«الهوجة» التي أتت على كل كتب المدينة، ثم «جاء الشماليون بكتبٍ تتحدث عنهم فقط وبلغتهم فقط، ووضعوها في المكتبة التي تحوَّل اسمها إلى مكتبة السموءل الوطنية». في ذاك الزمان سيصبح الحديث عن «بلاد كانت للعرب ... وثورات متتالية أُطلِق عليها اسم الربيع العربي... كلمات وتسميات غير مفهومة» وليس لها مدلول بالنسبة للبطل الذي عثر على وقائع هذا التاريخ المحذوف من الذاكرة الوطنية للدولة الجديدة في مخطوطات/رسائل قديمة وجدها في صندوقين خشبيين في قبو منزله «تتحدَّث عن آخر ثورات مصر التي حدثت منذ مئة عام تقريباً في 25 يناير 2011» التي لم يسمع عنها أبداً، رسائل مجهولة المصدر موجَّهة إلى شاب يُدعى (محمّد) ضاع من أمه في هرج الثورة، الرسائل التي كُتبت «بخط مرتعش يبدو فيه وهن التقدُّم في العمر أو ارتعاشة الخوف» ثم تكتمل ملامح الأسطورة حين يقول (عادل/مينا) الطالب في جامعة المشير المستقبلية: «مع كل رسالة كنت أدرك أن كل مكان أمشي عليه الآن بالإسكندرية رواه دم شهيد أو مصاب كان يحلم: عيش، حرية، عدالة اجتماعية».
إذاً، كانت هذه ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 المصرية، وفق الأسطورة التي نسجت سطورها الجدّة القديمة التي شاركت في صناعة ثورة بلادها، وتركتها في رسائلها، أمّ يُعْتَصَرُ قلبُها خوفاً ولوعة في شوارع مائجة بالثوار والجنود على صغيرها ابن الخامسة عشرة الذي فقدت أثره، وملأ قلبها الفزع عليه ودويّ الطلقات يأتي من كل مكان، وفيما كان الشبان والجنود المساكين المغلوبون على أمرهم الذين تدفَّقت في عروقهم دماء النخوة، يلتفّون حول المرأة الملتاعة التي انتابها شعور أن يكون ابن عمرها أحد من وجدت طلقات القنّاصة طريقها إلى صدورهم، كان الصغير يمتطي جواد الأسطورة راكضاً بمحاذاة شاطئ البحر ووصية أمه يتردَّد صداها في أذنيه ممتزجاً بصخب الموج وهتاف الثوار: «عليك بالبحر يا محمد، منه بدايتنا، وعليه حياتنا، وهو نجاتنا وهاويتنا. الزم شاطئ البحر لو تفرَّقنا، واركض قدر جهد الأبطال، ولا تنظر خلفك، وسيأخذك البحر إلى حيث أجدك.. ولم يخذلني البحر».
إذن سيصبح هذا الذي نعيشه كله، وفق فانتازيا الرواية ماضياً محظوراً. حتى الأسماء ستصبح غير الأسماء، تخفّياً من خطر ما، كان يُخشى على بعض فئات المجتمع، ستُفَرَّغ الأماكن إما من أسمائها أو من هويّتها، ولن تحمل أي دلالة على هذا الزمان الذي سيصبح تاريخاً منسيّاً.
في الوقت الذي تصدم فيه الراوية المتلقّي بهذا الخيال الفنتازي الذي تستشرف به مآلاً مفرطاً في سوداويته، تسعى في المقابل إلى تثبيت مشهد الثورة نفسه في عمق الذاكرة الوطنية على صفحات الرسائل القديمة التي يجمع نسيجها السردي بلغة متنوِّعة الأسلوب بين التقرير والإنشاء بجميع أنماطه، بين استدعاء أحداث ما قبل الثورة وإرهاصاتها للخروج بالحالة من طور التلقّي إلى طور المعايشة، وأحداث ما بعد الثورة من ادّعاءات وخروقات وخروج بالحراك الثوري عن مساره الأصلي ومن ثَمَّ فقدانه هويَّته وصولاً إلى حالة التشويه التام للثورة والثوار على أيدي حفنة منتفعين مُدَّعين: «قامت الثورة يا محمد، وفجأة أصبح الجميع شرفاء، ونصّبوا أنفسهم قضاة ووكلاء نيابة، يَتَّهمون ويدينون غيرهم في نفس اللحظة».
لعلّ أحد أكبر التحدّيات التي واجهت هذا العمل كان مشهد الثورة نفسه، الذي نجحت الروائية في إدارته من خلال لوحات تصويرية عالية المشهدية شهدت انتقالات خاطفة بعدسة كاميرا بالغة السرعة تضع المتلقّي في قلب الحدث، يسير بين الثوار في: «كرنفال ضخم موشّى بلون علم مصر، شبّان وشابّات، أطفال صغار وسيدات من كل الأعمار»، ونصغي إلى دقّات قلب الأم/الراوية وهي تراقب ابنها وتتمتم: «أسير بجانبك، أتيه بك وأنا أراك تشقّ طريقاً وسط الجنود وأنا أتبعك. خطواتك الواسعة تجعلني أركض كي ألحق بك. لأول مرة ألحظ تلك السنتيمترات التي زادت دون أن أنتبه وجعلتك أطول قامة مني». إن بوسع المتلقّي، بفعل اللغة الديناميكية، أن يعايش الراوية وابنها حتى يكاد يمدّ يده ليشاركهما «تبادل الكاميرا... التقاط الصور... تسجيل الهتافات... إرسال الرسائل القصيرة على (فيس بوك) لوصف ما نشاهد».
يبقى مشهد ضياع محمد من أمِّه الأعمق من بين المشاهد، فعلى الرغم من فردية المشهد في ظاهره إلا أن دلالته العميقة تكشف عن حالة جمعية، حالة مصر التي فقدت أبناءها في هرج ذلك اليوم، فأخذت تفتِّش عنهم غائبة العقل جريحة القلب في الشوارع: «كنتُ أبكي فقدي وافتقادي لك بلا صوت، ولكني سمعت الكون كله يصرخ من أجلي... أبحث عنك يا محمّد، ولا أجدك، وينفطر قلبي خوفاً عليك. تتجسَّد أمامي مصر التي خرجتَ معي من أجلها، لحماً ودماً وروحاً على شاكلة ابني الوحيد، فتنخلع روحي من بين جنبيَّ وتطير». هكذا امتزج العامّ بالخاصّ، وتماهيا (مصر/الأم) في تلك اللحظة المؤثِّرة المتوتِّرة فأصبحت الأم المتجسِّدة في المشهد وطناً يبحث معها عن ابنها الغائب.
صنعت انتصارعبد المنعم من روايتها ديواناً للذاكرة الوطنية، حشدت في نسيجه الدرامي قائمة من أشد المواقف التي خلّفت فيها أخاديدها، بدءاً بالأسماء الكبيرة التي أصبحت محرِّكات رئيسة تدير ماكينة تلك الذاكرة، ووصولاً إلى الأسماء الصغيرة التي أبت المؤلِّفة إلا أن تحصِّنها ضد المَحْو أو النسيان أو السقوط من الذاكرة، لبسطاء دفعوا حَيَواتِهم ثمناً لمحاولاتهم الحصول على فرصة كريمة في الحياة استكثرها عليهم نظام بلا قلب: ضحايا تفجير كنيسة القديسين، ضحايا عَبّارة السلام الغارقة، الشاب ناصر الذي نكَّلَ به أفراد الشرطة، ودسّوا خشبة في سوأته على مرأى من المارة، خالد سعيد الذي قتلوه ثم لفَّقوا له التهم، وشوَّهوا سيرته كما شوَّهوا جسده، والضحايا الذين- مع الوقت- كانوا يتحوَّلون إلى أرقام في ذاكرة الوطن.
لم تنسَ المؤلِّفة أن تَرْكب آلة الزمن قبل إقلاعها إلى المستقبل، لتكون بين هؤلاء الذين أحبَّتْهم وخَلَّدت أسماءهم من أبطال الذاكرة الوطنية: سميرة موسى، وسعيد بدير، ويحيى المشدّ، وجمال حمدان، وأستاذها في مدرسة الشعب الصباحية عوض شيبوب أستاذ اللغة العربية. انتصارهي نفسها الجدّة التي لعبت دور ميلكيادس الروح القوية التي ظلت تتردّد على منزل آل بوينديا ( كما في مئة عام من العزلة لجابرييل جارثيا ماركيز)، انتصار التي أرادت -على ما يبدو- أن تتمدّد في الزمن، وترسم ملامح المستقبل بالفنتازيا، وتتحدّى محو الماضي وعوامل تعرية الوقت للحظات يراد لها النسيان من قوى الثورة المضادة بالـ (FLASH BACK)، انتصار التي تعبر الواقع على جناح الأسطورة، إلا أنها فوّتت فرصة استثمار منجزات أدب الخيال العلمي في الجزء الاستشرافي من الرواية.
تَتَّسق الروح التجريبية في الرواية مع الظرف الثوري الذي وُلدت فيه، في حالة تمرّد إبداعي على السائد والمطروح، سواء على صعيد الطرح الفني الممازج بين مستويين للسرد: واقعي وفنتازي، أو على صعيد الحراك الزمني التردُّدي بين زمنَي الرسائل والزمن الافتراضي المستشرَف، أو على صعيد الأداء اللغوي المتنوِّع باتِّزان بين الغنائية والملحمية والدرامية التراجيدية، أو على صعيد التنوُّع الأسلوبي الواسع بين التقرير والإنشاء بجميع أشكاله، أو على صعيد الطرح الفكري الجريء القائم على مكاشفة الفصائل السياسية بزيف دعاواها وكذب أدوارها البطولية التي تدَّعيها لنفسها، والمواجهة مع القوى الديكتاتورية، وتعرية القوى الرجعية، والانحياز التام إلى صفوف البروليتاريا، شغل انتصار الشاغل. لكن، يبقى السؤال عن السرّ وراء هذه النظرة السوداوية لمستقبل مصر الثورة!.

الناقد أسامة الزيني رواية ( جامعة المشير)..ثورة على الثورة واحتفاء بالمنسيين


د. ممدوح النابي: انتصار عبد المنعم: زرقاء اليمامة العصر الحديث، واستبصار مآل الثوّرة المنحرف

 ما هي ضرورة استدعاء قامات علمية في رواية (جامعة المشير)؟!
*هؤلاء العلماء الذين اغتالتهم يد الصهيونية، كانوا يعملون من أجل مصر ومستقبلها، فسميرة موسى أرادت أن تضع مصر في مصاف الدول الكبرى التي تعتمد على الطاقة النووية وتسخر طاقة العقول بها، وكذلك يحي المشد ومصطفى مشرفة وسعيد السيد بدير وجمال حمدان وغيرهم. كذلك شباب ثورة 25 يناير خرجوا من أجل مصر، من أجل أن تستعيد وجهها النظيف الذي لوثته المبيدات المسرطنة والأغذية الفاسدة والقروض الغير مبررة، من أجل أن تبدأ مرحلة بناء مصر الحديثة على أيديهم التي خرجوا بها يرفعون علم مصر. وكما قتلت آلة الشر سميرة موسى وكل علماء مصر، قتلت آلة الشّر أحلام شباب ثورة 25 يناير، وشوّهت صورة من تبقى منهم خارج القبر أو الزنزانة.

الشاعر أحمد سويلم: رواية (جامعة المشـير) جسارة الفكر والخيال..


ما الذي يمكن أن يستشرفه المبدع من خلال ما يعيشه من واقع؟
                                                      أحمد سويلم
تطرح رواية (جامعة المشير/مائة عام من الفوضى) التي صدرت مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، رؤية الغد من خلال رافدين زمنيين..تبدأ الروائية انتصار عبد المنعم أحداث هذه الرواية بعد مائة عام بعد ثورة 25يناير..لهذا وضعت قدما على شاطئ هذه الثورة..وقدما أخرى بعد مائة عام..وبخيالها الجسور ..تقارع الزمانان في حلبة الرواية تقارع البوح والصمت ..والحقيقة والحلم، والأمل والاحباط..والاقتحام والخوف.. وحرصت على طرح هذه الرؤية الشائكة من خلال حوار متصل مع ابنها محمد تتخله دراما تتعلق بتلك الرموز التي تزهو بها مصر في مجالات الفكر والعلم والأدب، والتي كانت مستهدفة دائما من أعداء الوطن...مثل نجيب سرور ، سميرة موسى، ومصطفى مشرفة، ويحيى المشد، جمال حمدان، وأسرة الكاتبة نفسها ومعلم في مدرسة ابتدائية، وكانها تجد فيهم خلاصا من الفوضى التي أعقبت ثورة 25يناير.

إننا أمام رؤية مختلفة لهذه الثورة ..تدق جرس إنذار لقارئ الرواية حتى يصطف مع غيره في عقد الوطن الذي تحذر الكاتبة من انفراطه في هذه الحالة من الفوضى..والتي تحيرت السلطة امامها في البحث عن خلاص ينتشل الوطن من عثرته..إنها جسارة الفكر والخيال التي تتمتع بهما انتصار عبد المنعم بعيدا عن أي حسابات تشدها إلى جحيم الصمت والغياب والمواءمة...

Monday, March 10, 2014

«جامعــة المشير»... مصر بعد مئة عام ..بقلم د. عمار علي حسن

رواية  (جامعة المشير) ... مصر بعد مئة عام

ما إن تبدأ في قراءة السطور الأولى لرواية الكاتبة المصرية انتصار عبدالمنعم التي أعطتها عنوان «جامعة المشير.. مئة عام من الفوضى» حتى تصطدم بنبوءة كابوسية تعاند حركة التاريخ، وآمال الناس، وأحلام الثوار، وأماني من ضحوا بأرواحهم في ساحات الاحتجاج، وتتساوق مع ما ينشر عن مؤامرة غربية لتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات، بلاد النوبة في الجنوب، وأخرى للمسيحيين أسمتها المؤلفة «قبطستان»، ودويلة ثالثة، وهنا تكون الفجيعة الكبرى، تندمج فيها مصر وإسرائيل، فتحل «نجمة داود» محل النسر في علم مصر الحالي بألوانه الثلاثة، لتصير هي راية تلك الدويلة المتخيلة.


 هناك نوعان من النبوءات، نبوءة محققة لذاتها، حيث يحدث بالفعل ما تنطوي عليه من توقعات، ونبوءة هادمة لذاتها، وهي تلك التي تحمل تحذيراً من أمور معينة، فيؤخذ التحذير على محمل الجد، لتوضع الخطط وتصاغ السياسات التي تعمل على تفاديها. وقد لعب الأدب دوراً مهماً في طرح النبوءتين على السواء، وهناك العديد من الأعمال الأدبية، العربية والأجنبية، التي تبرهن على وظيفة الأدب في إثراء الخيال الاجتماعي والسياسي، من أمثال روايتي الأديب الفرنسي رابليه: «جورجونتوا» و«بانتاجيوريل» ورواية الأديب البريطاني جوناثان سويفت «رحلات جاليفر»، ورواية ألدوس هكسلي «عالم جديد شجاع»، ورواية هـ. ج. ولز «شكل الأشياء في المستقبل»، ورواية جورج أورويل «1984» ورواية نجيب محفوظ «رحلة ابن فطومة» ورواية جمال الغيطاني القصيرة «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، ومسرحيتي شكسبير «الليلة الثانية عشر»، و«حلم ليلة صيف»، ومسرحية توفيق الحكيم «رحلة إلى الغد»، ومسرحيات يوسف إدريس «الفرافير» و«الجنس الثالث» و«المهزلة الأرضية».

وأحسب أن رواية انتصار، تتقاطع أحياناً مع رواية أورويل «1984» التي تنبأ فيها بسيطرة قوة كبيرة على العالم تتقاسم مساحته، وتحول البشر إلى مجرد أرقام في «جمهورية الأخ الأكبر» الشمولية، التي تعد عليهم أنفاسهم عبر التحكم الإلكتروني، بعد أن تتحول القيم الإنسانية النبيلة إلى أمور تافهة، وتصبح الحياة خالية من العواطف والأحلام، ويتصرف البشر كأنهم آلات صماء. ولكن «جامعة المشير» تبدو من «النبوءات الهازمة لذاتها» وإلا عُدت تعبيراً عميقاً عن قنوط شديد حيال مستقبل الثورة والدولة معاً، ولاسيما أن الكاتبة انتهت من تأليفها في أكتوبر 2012، حين كان «الإخوان» قد قبضوا على زمام السلطة في مصر، وحولوا الثورة، التي خانوها، إلى مجرد أداة لتحقيق مشروعهم الخاص، بعيداً عما طالب به الشعب المصري وكافح من أجله.

يقوم معمار الرواية على عمودين، كل منهما يحمل لحظة زمنية في مقابل أخرى، الأولى وقت انطلاق ثورة يناير وأيام موجتها الأولى، وما حفلت به من تصرفات وتضحيات وشعارات وهتافات وشخصيات برزت على السطح، والثانية بعد مئة عام من الآن، يتوالى على حكم مصر فيها خمسة من جنرالات الجيش بعد زمن من حكم «الإخوان»، حيث تتبدل الأحوال تماماً، ويختفي الكتاب الورقي ويحل مكانه الإلكتروني، وتتحول «محطة الرمل» الشهيرة بالإسكندرية، حيث تدور أحداث الرواية، إلى «بلازا المعبد المقدس»، وتنتهي «جماعة الإخوان» إلى أن تكون «شبيبة مواطني الكابلاه»، وتصبح ساحة مسجد «القائد إبراهيم» أحد أماكن انطلاق الثورة المصرية مهملة، ويختفي الترام بعد أن تغطي شبكة المترو كل أنحاء الجمهورية الجديدة، وتختفي أقسام الشرطة لأن الخلايا الإلكترونية تراقب كل ما يجري عبر شاشات متطورة، وتمنع السلطة المواطنين من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر»، ولا يعد الناس يعرفون كلمات من قبيل «ثورة» و«مظاهرة» و«حرية»، بعد أن تتحكم السلطة في كل شيء عبر إمكانات إلكترونية فائقة تعرف حتى ما يفكر فيه الناس وما يأملونه، وكل من يخالف التعليمات يذاب في الحامض. وفي المقابل تتكفل الدولة بتوفير احتياجات الناس، وتحدد لكل واحد منهم دوره الاجتماعي بصرامة، بعد أن يمر بدورة تنشئة في طفولته، تؤهله لوضع اجتماعي يقسم المواطنين.
ويصل بين هذين الزمنين جسران، ابتكرتهما الكاتبة، كحيلة فنية تجعل المستقبل المتخيل يعانق الواقع المعيش بلا عنت ولا عناء، الأول يتمثل في رسائل كتبتها سيدة إلى ابنها الذي تاه منها لحظة انطلاق الثورة، وظلت تلك الرسائل مخبأة إلى أن وجدها شاب بعد مئة سنة، هو طالب في «جامعة المشير» فيطلع عليها زملاءه سراً، فيعرفون كل شيء عن الثورة.

 والثاني هو أن هؤلاء الطلاب يحملون أسماء ثوار زماننا هذا وكذلك أبرز مفكريه وعلمائه، فنجد منهم «شهدي عطية» و«نجيب سرور» و«جمال حمدان» و«عماد عفت» وأحمد بسيوني و«مصطفى مشرفة» و«سميرة موسى» و«أم كلثوم»، وكل منهم يؤدي الدور نفسه الذي كان يؤديه شبيهه في زماننا. وكأن مصر في هذا المستقبل البعيد نسبياً تستعيد نفسها وتستعد لعمل آخر كبير وتاريخي وملحمي، وهو ما يحدث بالفعل حين تنتهي الرواية بثورة جائحة، تحرر الوطن من الاحتلال، رافعة شعارات ثورة يناير نفسها «حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية».

وتدخل المؤلفة، لتكون إحدى شخصيات الرواية، مرة بطريقة متوارية حين تسرد ما عاشته بنفسها أيام الثورة الأولى ومع جهاز أمن الدولة الذي استدعاها ليعرف تفاصيل أخرى عن كتاب «حكايتي مع الإخوان» الذي سردت فيه تجربتها مع هذه الجماعة التي كانت تنتمي إليها ثم خرجت منها قبل الثورة، ومرة بطريقة مباشرة حين يظهر اسم «انتصار» كإحدى شخصيات الرواية، وصديقة طلاب جامعة المشير، بعد تمهيد وتبرير يقول نصاً: «من قال بنظرية موت المؤلف؟ نعم إنه رولان بارت، وطالما حكم الرجل علي بالموت بعد أن أنتهي من كتابتي لهذه الرواية فقد قررت أن أمارس ديكتاتورية مطلقة، وأتدخل مرة أخرى في السرد، قبل أن ينتهي، وأفقد معه حياتي».

لقد حاولت انتصار عبدالمنعم في روايتها تلك، وهي الثانية لها بعد «لم تذكرهم نشرة الأخبار» إلى جانب مجموعتين قصصيتين هما «نوبة رجوع» و«عندما تستيقظ الأنثى»، أن تتجاوز تفاصيل «الآني» في الثورة المصرية بتوقع «الآتي» لكن ربما جنح بها الخيال ليجعلها تعاند تقدم التاريخ، وتقع في أحابيل التشاؤم الذي عبر عنه أمل دنقل ذات يوم قائلاً: «لا تحلموا بعالم سعيد/ فخلف كل قيصر يموت/ قيصر جديد»، فمن عباءة هذا البيت، وأحداث الثورة المشبعة بالتفاصيل وخيال أورويل وتجربة المؤلفة الذاتية وقدرتها على التخييل، جاءت هذه الرواية، التي ستنضم إلى مصاف أدب الثورة المصرية الذي يتوالى بلا انقطاع، شعراً ونثراً.

 http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=77571

Wednesday, January 29, 2014

الاحتفّاء بـرواية"جامعّة المشيّر" في معرّض القاهرة للكتاب

الاحتفّاء بـ"جامعّة المشيّر" في معرّض القاهرة للكتاب

 http://www.arabstoday.net/fqglyi-djh/2014-01-26-19-30-38.html

 

تُعقد ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة رواية(جامعة المشير/ مائة عام من الفوضى) للقاصة والروائية المصرية انتصار عبدالمنعم، فيما يشارك في مناقشة  الرواية الصادرة عن  الهيئة المصرية العامة للكتاب، د. عمار علي حسن، ود. محمد السيد إسماعيل، وتديرها الكاتبة الصحافية زينب عفيفي. وذلك في  يوم الجمعة 31 يناير 2014 في تمام الواحدة ظهراً، في مخيم ملتقى الابداع.
تعد رواية (جامعة المشير) من بواكير الإبداع الأدبي لثورة 25 يناير 2011، وترصد بالصورة الفنية وقائع الثورة في مدينة الإسكندرية، وتحتفي بقائمة طويلة من رموز النضال الوطني في المدينة، سواء من شبان الثورة، أو من الرموز الوطنية الكبرى أبناء مصر أمثال؛ جمال حمدان،  سميرة موسى، ويحيى المشد، وسعيد بدير.
تعبر "انتصار عبدالمنعم "في جامعة المشير ومن خلال مصير أبطالها الغامض والمخيف عن حالة من القلق الجمعي الذي يعيشه المصريون تجاه ثورتهم ومصير بلادهم، في خضم عراك وطني مفتوح بين جميع الفصائل السياسية لاختطاف الثورة والاستثئار بكعكتها التي تحذر الكاتبة من أنها قد تكون من نصيب قوى أخرى خارجية متربصة تتلاعب بالجميع، وتدير الأمور على نحو يخدم مصالحها التي لا تلتقي على الإطلاق مع ما أراده المصريون لبلادهم.