Thursday, February 04, 2010

بدأت التدوين على الرمال قبل اختراع النت بزمان/جريدة القاهرة

انتصار عبد المنعم : بدأت التدوين علي الرمال قبل اختراع النت بزمان
انتصار عبد المنعم قاصة وصحفية صبورة ، مؤخرا أصدرت مجموعة قصصية بعنوان " عندما تستيقظ الأنثي " كما تكتب مقالا أسبوعيا في مجلة اكتوبر ، لكن مدونتها بعنوان "فتفوتة " تكاد تكون واجهة حقيقية لها كمبدعة وكاتبة ، انتصار كاتبة "بنت بحر " فهل مدونتها كذلك؟ لنري ..- فتفوتة مدونة عادية لكاتبة غير عادية .. لأنها تحمل كتاباتك ككاتبة في أكتوبر.. هل تصورك للمدونة كدولاب حفظ؟
- ليست دولابا للحفظ ، ولكنها وسيلة اضافية وأوسع للوصول إلي القارئ الذي ربما لا تتاح له فرصة الحصول علي المجلة ، كذلك القارئ الذي يهتم بالقراءة الإلكترونية التي تتيح له كل أعمال أي كاتب بنقرة واحدة علي الماوس. ولذلك أهتم بالنشر الإلكتروني مثلما الورقي وأحرص علي وضع الكثير مما أكتبه في أكتوبر أو الثقافة الجديدة ، وبالطبع ما يتم نشره خارج نطاق الصحف المصرية من دوريات أو مطبوعات يصعب الحصول عليها لارتفاع ثمنها أحيانا ، أوقلة الأعداد التي تصل إلي القارئ المصري.
-أنت سكندرية حتي النخاع .. تعشقين البحر حريةً وانطلاقا وفضاءً بلا حدود.. ورغم ذلك رأيت المدونة ملتزمة جدا ، لم أجد فيها حتي لون البحر ، ولا جنون اللوحات المصاحبة ، ولا حرية الحديث عن الذات .. لماذا هذا التحجب الإلكتروني؟
- معك حق ولكن هذا نتيجة أن ما أنشره فيها عبارة عن رؤي وقراءات نقدية لأعمال أدبية أو ظواهر ثقافية ، ولكن في المقابل تجد داخل المقال الجاد شكلا بعض سمات "المشاغبة" أو لنقل "شقاوة "اللعب بالكلمات والعبارات المبطنة بالسخرية من أجل تمرير المقصود دون ملل المباشرة وأضرب لك مثالا ، جاء عرضي لمجموعة الأستاذ سمير الفيل "صندل أحمر" جاءت تحت عنوان "صندل أحمر ديوان الصـــُرم"، ومقال "أدباء العرب وثقافة الأقدام "وغيرهما.
- علي قدر متابعتي الضعيفة .. أجد الكتاب الأوربيين يتخذون المدونة للكتابات غير المجنسة ، والأفكار المبتسرة ، والشطحات وانفلاتات القلم .. ما حكمك علي التدوين الأدبي العربي بشكل خاص؟
- جاء التدوين الأدبي العربي وازدهر علي يد الشباب الذين لم يجدوا فرص النشر الورقي ، ووجدوا أن النت هو وسيلة لكسر الاحتكار ، ومن هؤلاء مجموعة كبيرة مستواها جيد بالفعل ، ولكن هناك الكثير ممن يطلق علي نفسه الكاتب والشاعر وعندما تقرأ ما هو مكتوب لا تجد غير عبارات منمقة في الغرام والحب . ولا ننسي أيضا أن كبار الأدباء انتبهوا للتدوين كوسيلة اضافية لتوسيع قاعدة الشهرة عن طريق إعادة نشر ما يكتبونه، وللترويج لأعمالهم ، وتوجيه الدعوات لحضور حفلات التوقيع لأعمالهم الجديدة .وكل هذا ليس بتفاعل حقيقي فلا مجال لحوار جاد أو حتي للتعبير عن الرؤي في كل ما يستجد في الحياة ، حتي ما يحدث في الفيس بوك يظل كلمات متطايرة يجامل بها الأديب القارئ ثم ينتهي الأمر .
- أقسمت بالمرسي أبي العباس أنك تحبين المواقع أحـمــد سـمـاحـة*بلا حدود، بوح البعاد/محمد حسني ، نقطة ومن أول السطر .. أليس في حركة التدوين العربية الهائلة ما يستحق بجوار هذه المدونات الثلاث؟
- بالتأكيد هناك الكثير ولكن كل واحدة من هذه المدونات تمثل لي رافدا مختلفا أعتز به ، فمدونة الناقد الكبير الدكتور أحمد سماحة بمثابة الجامعة التي استقيت منها الكثير مما أعرف حتي قبل معرفتي بصاحبها شخصيا، فالمدونة بالفعل "بلا حدود" فهي تحتوي علي كل فروع الثقافة والأدب والمعرفة الجادة . ومدونة بوح البعاد مدونة شاعر العامية محمد حسني والتي أزورها لاعجابي بكتاباته ، ومدونة نقطة ومن أول السطر مدونة الشاعر الشاب محمد عزالدين الذي جذبني لأقرأ له ديوانه" شنطة وضبة ومفتاح" والذي قرأت أغلبه علي مدونته.
- لم أجد للشعر مكانا في مدونتك إلا قليلا .. لم هذا الخصام؟
- معك حق أيضا في هذا ، فقد كتبت عن ديوانين للشعر فقط ، ديوان "مشهد ليلي" ، وديوان "ألم المسيح ردائي" ولكن ربما يرجع ذلك لاهتمامي الأساسي بالقصة والرواية ، ولكن ليس علي سبيل الخصام ،أنا نفسي بدأت بكتابة الشعر قبل أن أكتب القصة والرواية .
-نشرت كثيرا من إبداعاتك علي المدونة ، رغم أنها منشورة ورقيا بأكثر من صيغة وشكل ومكان.. هل تم حل المشكلة لديك بين الورقي والافتراضي الإنترنتي؟ وهل تضعين إبداعك علي الإنترنت قبل نشره ورقيا؟
- قبل النشر الورقي بدأت كغيري من المدونين بالنشر الرقمي علي المدونة والمواقع الأدبية الجادة ، ونشرت الكثير مما تضمنته مجموعتي القصصية الأولي"عندما تستيقظ الأنثي" علي المدونة قبل النشر الورقي . ولكن الصورة ليست وردية دوما ، فقد تعرضت للسرقة ليس للأعمال المنشورة رقميا فقط ،بل للأعمال المنشورة الورقية وأحيانا بصورة مضحكة وساذجة ،سأضرب لك مثالا حديثا، موقع مجهول الهوية يقوم علي إعادة نشر المقالات المنشورة في الصحف اسمه "المقتطف الاعلامي" دأب علي اعادة نشر مقالي الاسبوعي ثم فجأة قرروا أن يغيروا اسمي من "انتصار عبد المنعم" إلي انتصار عبد الفتاح ، واستمروا في هذا علي الرغم من أني أوضحت لهم في تعليق الخطأ ولكن لا حياة لمن تنادي
- متي بدأت التدوين ومتي تتركينه؟
بدأت التدوين قبل أن يكون هناك اختراع اسمه نت ومدونات ،بدأته علي الرمال الصفراء الناعمة في حديقة منزلنا الكبير ؛نعم لا تتعجب كنت أخط علي الرمال كلاما ورسومات لا تحدها حواجز صفحة كراسة الرسم كطريقة لممارسة حرية الكتابة في المكان والوقت الذي أريد ، لم أكن أعترف حتي بحدود صفحة كراسة الرسم التي وجدتها كحدود بلداننا العربية المصطنعة ، كان هذا قبل أن ادرك أن هناك وفي المستقبل البعيد ستتحول الرمال الناعمة إلي شبكة نت لها غواية الحية الملساء ولدغة العقرب السام ، واشتهاء المن والسلوي . ولن أترك التدوين إلا حين أعود في النهاية لمكاني تحت الرمال الصفراء نفسها لتشهد نهاية التدوين كما شهدت بدايته .
-لك اهتمام كبير بالنشر الإلكتروني ، والقراءة عبر الكمبيوتر ، وغيره من قضايا النشر الجديدة المؤرقة لنا كعرب .. هل صحفنا العربية واعية لهذه المتغيرات؟
- جاء الوعي متأخرا وبصورة مجتزكة لا تتجاوز تحقيقًا صحفيا أو استعراضًا لاحصائيات من نوع ما ، اقصد أن الاهتمام دوما يأتي بصورة عرضية وعلي طريقة الفرقعة أو الشو ، مثلا أن تتحول موضوعات مدونة إلي كتاب ، أو أن يكتب مدون مقالا في صحيفة وهذا كل ما في الأمر . مع ان الموضوع كبير جدا ومعقد ، فهناك علي النت الكثير مما يغني عن شراء العديد من الصحف والمجلات وفي نفس الوقت يعطي الكثير والكثير في وقت أقل وبأقل التكلفة ودون مضيعة للوقت في البحث عن شئ في صحيفة تموج بأشياء لا تقع في دائرة الاهتمام الفعلي للقارئ.
بقلم : إبراهيم محمد حمزة
جريدة القاهرة

No comments: