Saturday, July 18, 2009

قاسم أمين.. ديور وشانيل!


قاسم أمين ... ديور وشانيل !!

ما إن يذكر اسم قاسم أمين حتى تتعالى أصوات فريقين لا ثالث لهما ، فريق يتهمه وآخر يؤيده والموضوع واحد؛المرأة .
لقد اختزلنا اسم قاسم أمين في خانة الشأن النسائي ، حتى جاء الجيل الجديد الذي ابتدع الفاست معلومة مثل الفاست فود لا يعلم عنه غير أنه هذا الذي اهتم بالمرأة ،فأصبح في ذهنهم لا يفرق عن شانيل وديور شيئا .
قاسم أمين كان زعيما وطنيا ومصلحا اجتماعيا لا يقل أهمية عن الشيخ محمد عبده ،وجمال الدين الأفغاني و عبدالله النديم و أديب اسحق . ولكنه لم يرالوطنية مجرد ثورة ضد الحاكم ،أو صوت يهتف في المظاهرات والمؤتمرات، لينتهي كل شيء بعد ذلك. لقد تمثل مقولة جمال الدين الأفغاني
" ماذا تنفع الحكومة الصالحة اذا كان الشعب غير صالح"
ولذلك جاء قاسم أمين بثورة دائمة وحقيقية على كل النقائص ، كان ينشد الكمال في كل شيء ، أراد تعديل سلوك الأفراد لأنهم هم الوطن ،فنظر إلى المجتمع المصري وشرح طبقاته يريد كشف العلل التي تعيق تقدمه.
أراد معالجة العيوب التي خلفتها سنوات الاستعمار والظلمة التي توالت على مصر وفرضت على شعبها الجهل والفقر مما أفقدتهم الثقة في أنفسهم وفي وطنهم وأضاعت فيهم روح الوطنية وحب الوطن :
"ونحن معاشر المصريين ويا للأسف لا نحترم وطننا ولا نعرفه ،وكثيرا ما نتكلم عنه بالاستخفاف والاحتقار، ونحكم عليه كما نسمع من الأجانب الذين لا يمكن أن يعرفوه كوطن لهم بحال من الأحوال ، وفاتنا أن كل عيب منسوب إليه هو منسوب في الحقيقة إلينا ".
كان يعتبر أن أكبر أعداء مصر هم المصريون الذين نسوا واجبهم نحو وطنهم ، وكأنه يصف حال تلك الفئة التي لا تستريح إلا إذا هاجمت مصر حكومة وشعبا على صفحات صفراء بلون ضمائرهم المباعة .
كان يعلم أن استقلال الوطن لا يأتي بين عشية وضحاها ، فلابد أولا من أن يمارس أفراد الوطن فكرة الإستقلال المقبورة داخل ذواتهم ،وجعلتهم يقنعون بالبطالة والكسل والتراخي انتظارا لوظيفة حكومية :
"نحن كسالى في الصباح وفي المساء،نقوم من النوم كسالى ، ونذهب إلى النوم كسالى ونعيش بين هذين الوقتين كسالى"
كتب قاسم أمين يحث الشباب على العمل والاستقلال "فعلى كل نفس تحترم ذاتها متى كانت قادرة على الكسب أن تكون مستقلة ، غير محتاجة للغير ، تكفل نفسها بعملها ، ولا يباح لها مطلقا أن تكون عالة على غيرها"
نهي عن البطالة والتذرع بعدم وجود وظائف حكومية "كن تاجرا ، كن مزارعا،كن صانعا ،كن خادما،كن كيفما تستطيع أن تكون ،فإنه أحسن لك وللناس مما أنت فيه "
ثم انتقل إلى أصحاب الوظائف يشير إلى ما يفعلونه بعد أن حازوا الوظيفة الحكومية المضمونة الراتب والمركز.
تحدث عن الموظفين الذين يسخرون وظائفهم لأنفسهم ولمعارفهم ، في الوقت الذي تضيع حوائج الغير عندهم "...متى دخل عليه أحد المستخدمين بورقة يريد عرضها عليه،تشاهد تبسمه قد غاب ووجهه تقطب ..."
وأشار إلى الموظف السلبي أو "الفشار" الذي أطلق عليه "الموظف :وأنا مالي "
(الذي يقابلك بغاية اللطف وحسن المحيا والإشارات المطيبة للخاطر،فتظنه شريكك في الإحساس " ولكن إن جاء وقت الجد تجده " بعيدا عنك،أبعد من ساكني القمر إليك ،وترى إذا أمعنت النظر في وجهه كأنما رسمت عليه هذه الكلمة : وأنا مالي ، وأنا مالي ، وأنا مالي"
هاجم الموظف الذي يعلي مصلحته الشخصية على مصلحة العمل والدولة ، أو كما يتردد على ألسنة بعض الموظفين اليوم مبررين تكاسلهم أنهم يعملون على قد فلوس الحكومة .
"لماذا يا ترى يخالف الموظف المصري غيره حتى يعتبر أن منفعته الخصوصية يلزم أن تكون في جميع الأحوال مضادة للمنفعة العمومة ؟؟
هاجم الموظفين المتشدقين بحب الوطن وعبارات الاصلاح حتى اذا نالوا منصبا نسوا ما وعدوا به وما نادوا به، من يقول ما لا يعتقد ومن يظهر خلاف ما يبطن ، من يناصر اليوم هذا ثم ينقلب عليه إذا اتيحت له فرصة أفضل له فيها منفعة شخصية .
حتى أصحاب المعاشات وضعهم في فكره الإصلاحي ، أراد لهم المشاركة في بناء الوطن ،لم يرضه أن يتخلوا عن الحياة لأنهم تركوا الحكومة أو كما يقول مستدركا "من تركتهم الحكومة" يصف حالهم والذي لم يتبدل إلى اليوم :
"تراه كسيف البال آسفا على وظيفته أسفا شديدا ، لأنه يظن –كما اعتاد أهل بلادنا أن يعتقدوا – أن الإنسان قليل بنفسه كثير بوظيفته !"
لقد وصف حال أرباب المعاشات وكأنه يصف الحال نفسه الآن ، يريدون قتل الوقت انتظارا لنهاية العمر التي يستحثونها على المقاهي ، أو جالسين على الأرصفة يراقبون المارة متحسرين على عمر فائت وشباب ولى. يعيب عليهم أنهم ينسحبون من الحياة كلها ويفقدون اهتمامهم بمجريات الأمور لأنهم تركوا الوظيفة الحكومية.
"ولم أر فيهم من أوجد لنفسه عملا يشتغل به بدلا عن وظيفته !!!
كان قاسم أمين يريد تغيير نظرة المصري الذي لا يرى في التعليم فائدة إلا كي يفوز بوظيفة حكومية ويصبح موظفا ،وكأن الوظيفة هي القيمة والغاية من التعليم ،ولذلك لفت النظر إلى تلك الحالة من الاحباط التي تصيب من يحال إلى المعاش وكأن العالم انتهى ،في حين أن الإنسان بيده كل أمره إن تمسك بالعلم والعمل .
".......إن كل انسان قادر على أن يرقى نفسه بنفسه ، وأن يعلو على أكبر ملك في الدنيا بفضيلته وعلمه "
نظر قاسم أمين إلى عملية الاصلاح كعمل وطني متكامل يستلزمه تربية صحيحة لأفراد المجتمع ، اهتم بالأسرة لأنها الخلية الأولى التي يتكون منها المجتمع ، واهتم بالمرأة لأن بيدها تربية أفراد المجتمع ، نقد وضع المرأة الذي لم يتح لها مقدارا من العلم يمكنها من تربية نشء يرفع من شأن الوطن ، كان موضوع المرأة بالنسبة له حلقة واحدة من عدة حلقات اصلاحية .ولذلك من الغبن أن يوجه الاهتمام لجزء واحد من هذا المشروع ويتم تجاهل باقي ما دعا اليه قاسم أمين ، ولعلها فرصة أنادي فيها بضرورة اعادة طبع كتابه "اسباب ونتائج " وتوزيعه على جميع المدارس .

انتصار عبد المنعم
http://www.octobermag.com/issues/1708/artDetail.asp?ArtID=87799

Friday, July 10, 2009

التســكــع الرقمـــي

قديما قالوا " قل لي ماذا تقرأ ، أقل لك من أنت "
واليوم تبدلت المقولة لتكون "قل لي مع أي المواقع الالكترونية تتعامل ، أقل لك من أنت"
ولكن حتى لو سألت هذا السؤال فلن تجد اجابة وافية عند الكثير من الشباب الذين يدخلون إلى موقع ما عملا بنصيحة صديق ، ثم يُسلمهم هذا الموقع لآخر ،وهكذا يمر الوقت وهم بلا هدف يتسكعون على شبكة الانترنت . فهم تركوا التسكع في الشوارع ليمارسونه على شبكة الإنترنت يجذبهم هذا العالم اللامحدود الافتراضي الذي يتيح لهم ما لا يتوافر في عالمهم الحقيقي .
وكما يحدث بين المتسكعين في الشوارع ومقاهي العالم الحقيقي من معاكسات ومشاكسات ومشاكل متنوعة ، يحدث أيضا في مقاهي العالم الإفتراضي . فغرف الدردشة والتعارف والمدونات ما هي إلا مقاه افتراضية للتسكع الرقمي لجأ إليها الشباب كوسيلة للهروب من عالمهم المأزوم يعوضون فيها ما ينقصهم في واقعهم . يرسمون لأنفسهم الصورة التي تستهويهم ،محتمين باسم مستعار . يهربون من تابوهات المجتمع المتوارثة . يهاجمون الدين ويتحدثون في السياسة ،ويتحدثون عن الجنس بحرية ويمارسونه افتراضيا.
فمن ترهبه نظرة واحدة من رئيسه في العمل أو من زوجته ، وجد الفرصة مهيئة ليرسم صورة كاملة لنفسه كبطل سياسي ومناضل، وهذا لا يتطلب أكثر من مدونة مجانية عليها صورة جيفارا واسم مستعار وكلمة رديئة اللغة يسب فيها الحكومة والدولة بمن فيها.وفي لمح البصر يصبح بطلا.ثم يأتي من يشجع أبطال طواحين الهواء ،وتظهر مجموعات من أبطال الوهم لتتوهم أن باشارة واحدة منها سيخرج الشعب المصري يهتف بحياة اسم مستعار لشخص بلا هوية .
أيضا وجد الكثير من الشباب في تسكعهم بين المواقع وغرف الدردشة فرصا لتفريغ طاقاتهم التي عجزواعن اشباعها بسبب الحالة الإقتصادية التي تعيق تطلعاتهم في الزواج وتكوين أسرة ؛ هذا في الوقت الذي وجدوا فيه أنفسهم محاصرين بالعُري المجاني في الشوارع وعلى شاشات الفضائيات المليئة بأجساد شهية محلية ومستوردة زادها الكولاجين والسيليكون جمالا على جمال .
وجاء الازواج بمشاكلهم الزوجية ، فلم تكتف بعض الزوجات بدور المخبر الذي يمارسنه في الواقع ، فجئن ركضا وراء أزواجهن يراجعن تعليقاتهم وتعقيباتهم في مدونات تخص سيدات ، ثم يتفضلن بترك سيل من الشتائم لصاحبات المدونات كأنهن خططن لخطف أزواجهن .
وكما تصادف مختلا عقليا في طريقك إلى العمل، تصادفه أيضا بين المتسكعين الافتراضيين .فظهر مجنون مريم الذي مارس تسكعه هنا وهناك معلنا عشقه لمريم ، ومن أجلها زين مدونته بصور كثيرة لنساء يحملن اسم مريم . وعندما لم تستجب له مريم كتب تعليقات بذيئة وألصقها بها ، ليتضح بعد ذلك أنه يعاني خللا نفسيا خلفته سجون النظام..
أما متسكعي المحادثة على الماسينجر من الرجال ، فهم جميعا ممن يرسمون لأنفسهم صورة الرجل الكامل الذي يبحث عن المرأة الكاملة والتي وللصدف العجيبة تكون في أول سيدة تظهر أون لاين.ثم يتبعه منهج واحد ،ومقرر معاد عن شخصه الفريد الذي لا مثيل له ، وعن تلك التي كان يحلم بها وأخيرا وجدها على الشات .
وهكذا يمر الوقت وتتعاظم أكاذيب المتسكعين ، بل يصدقون أنفسهم ، حتى ما إذا انقطع النت أو انتهت نقودهم فى المقهى الافتراضي ، عادوا إلى طبيعتهم يتسكعون على الأرصفة ريثما يسجلون دخول مرة أخرى فيعودوا إلى تسكعهم الرقمي.
انتصار عبد المنعم

شبكة الإنترنت .....أدب ....وخلافه!



تتنافس الكثير من المنتديات والمواقع والمدونات الأدبية فيما بينها لإثبات جدارتها وتميزها عن غيرها . قد يأتي هذا التنافس في صورة اختراق لموقع ما ، في محاولة لتدمير قاعدة بياناته مثلما حدث مع "دروب والورشة" وغيرهما من المواقع التي صمدت أمام محاولات القرصنة المتتالية .
وقد يكون تنافسا مشروعا يحرص على تقديم نوع مميز من أشكال الأدب .
ولذلك لم تكتف بعض المنتديات والمواقع بأن تكون صفحة لإدراج عمل والتعليق عليه فقط ،بل تسابقت في مجال النشر الإلكتروني لكتب كاملة تضم أعمال أعضائها،بل انطلقت من الفضاء الإلكتروني للنشر إلى النشر الورقي أيضا .
فمنتدى " شبكة القصة العربية" أصدر بالفعل كتابه الأول الذي يضم مختارات من أعمال أعضاء المنتدى الذي يضم أدباء لهم وزنهم من كل دول الوطن العربي ، ويعد حاليا لإصدار كتابه الثاني .
ويبادر "منتدى من المحيط إلى الخليج" فينشئ قسما خاصا بالنشر الإلكتروني أصدر كتبا رقمية تضم أعمال الأعضاء باللغة العربية ، وأيضا كتبا مترجمة إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية .ثم توسع ليشمل قسما خاصا بالنشر الورقي ،كان من ضمن اصداراته كتاب (بوسع قلبي ) باللغة البولندية ليصبح في يد أعضاء المنتدى في نفس وقت صدوره ببولندا .

وموقع "الورشة" الذي اتخذ من مقولة أمل دنقل (للحقيقة والأوجه الغائبة ) شعارا منذ نشأته ليرفض التسجيل بأسماء مستعارة أو وهمية ، فأثبت تواجده بقوة في عامين فقط ليضم أدباء وفنانين أثبتوا من قبل وجودهم المميز في ساحة النشر الورقي . ولكنهم اتفقوا على أن يوثقوا صداقتهم في كتاب ورقي مشترك أطلقوا عليه (كتاب الورشة الأول) كمحاولة للقاء أبدي أدبي لا يفرق بين المشرق والمغرب العربي . بل وظهرعلى صفحاتها أدباء لم تتح أمامهم فرص النشر الورقي معتمدين على الموقع الذي أصبح التواجد بين أعضائه شهادة ميلاد لجيل جديد من أدباء العالم الافتراضي .
ومؤخرا ، اتجه الكثير من الأدباء الكبار إلى شبكة الإنترنت بهدف الترويج لإصداراتهم الجديدة أو لحفلات توقيع أعمالهم . فظهرت مدونات ومواقع بأسماء الأدباء ، ومجموعات بريدية تحمل أسماء اصداراتهم .
ولجأ إلى شبكة الإنتنرنت أيضا أدباء المهجر للتواصل مع عالمهم العربي الذي نزحوا عنه بحثا عن فرص لحياة آمنة بعيدا عن القصف والاضطهاد والحروب ، أو لكسر حاجز الغربة المكانية والزمانية .فظهرت أسماء كثيرة لقامات عربية أدبية كبيرة مثل الشعراء يحيى السماوي المقيم في استراليا ، وسامي العامري المقيم في كولونيا ، والأديب التونسي كمال العيادي من ألمانيا .
ووجد الأدباء الذين فرضت عليهم ظروف الحياة والعمل خارج أوطانهم في شبكة الانترنت فرصة دائمة لكسر حاجز القطيعة أو الغياب عن المشهد الثقافي المتنامي بصورة متسارعة ،مثل الشاعر والصحفي محمد عبد الحميد توفيق ، والأديب محمد البوهي في الكويت ، والشاعرين السوري وفائي ليلا والمصري دكتور أحمد يحيى في البحرين .
ووجد البعض فرصا للتواصل والتلاقح الأدبي بين المشرق والمغرب لا تتوافر مع حواجز الجغرافيا والمال والوقت ، مثل الأديبة والمترجمة التونسية آسية السخيري التي تتقدم الكثير من الأسماء في حركة الترجمة من العربية إلى الفرنسية على شبكة الإنترنت .
وهناك أيضا أدباء نشروا أعمالهم في المنتديات والمواقع الأدبية المحترمة ثم قاموا بعد ذلك بتجميع تلك الأعمال ليضمها كتاب ورقي ،ومنهم الأديبة الجزائرية سهيلة بورزق ومجموعتها (كأس بيرة )، بل فعل ذلك الروائي مكاوي سعيد في مجموعته القصصية الأخيرة (سري الصغير ) التي اشتملت على مجموعة من القصص كان قد سبق له نشرِِها نتيا .
وبين كل هؤلاء يوجد مجموعة من الأدباء الحقيقيين الذين لم تتح أمامهم فرص للنشر الورقي فاعتمدوا فقط على المنتديات الأدبية لاثبات تواجدهم .
ورغم كل هذا فالصورة ليست مشرقة دوما ، فهناك الكثير من المنتديات الأدبية لا تتعدى كونها ساحة للتراشق والشجار بين الأدباء . وهناك منتديات ينتحل أصحابها صفة الحفيد أو الوريث الشرعي لكاتب راحل كبير ، ثم يقوم بتوجيه إيميل لقائمة طويلة من الأسماء يقوم بتجميعها من هنا وهناك ، يخبرهم جميعا أنهم من المحظوظين الذين وقع عليهم الاختيار ضمن أفضل مائة أديب عربي وأن هناك احتفالية على شرفهم في منتداه ويعطيهم جميعا نفس الرابط . ثم يتحول المنتدى إلى قعدة مصاطب للترحيب والتهنئة بالعضو الجديد الذي لا يعرف أنه أصبح عضوا رغم أنفه ، بل ويتم استغلال اسمه لضم أعضاء جدد .
وظهرت أيضا مدونات أدباء الدقيقة والنصف ، أو أدباء القص واللصق ، الذين يسرقون ما كتبه الآخرون مع بعض التصرف بالحذف أو الإضافة . وفي لمح البصر يتلقى الترحيب والإشادة بهذا الإبداع من أمثاله من أدباء الفجأة . ثم يصدق نفسه و يبدأ في نقد المشهد الثقافي المتردي الذي لا ينتبه لأمثاله من أدباء النقرتين ؛ قص ولصق.
انتصار عبد المنعم

القراءة الإلكترونية.. بين الضرورة والترف


هل القراءة الالكترونية ضرورة من ضرورات الحياة أو ترف طارئ؟

كان من المنطقى أن نسأل أنفسنا هذا السؤال بعد أن حذرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالسكو) من خطورة تنامى ظاهرة الأمية فى الوطن العربى فى تقريرها الذى صدر مؤخرا، وأشارت فيه إلى أن عدد الأميين بلغ حوالى 100 مليون نسمة على الرغم من كل الجهود المبذولة للحد من تلك الظاهرة. وكما أوضحت المنظمة فإن 75 مليونا من إجمالى الأميين العرب تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما، وتزيد معدلات الأمية بين النساء، حيث يعانى قرابة نصفهن منها (46.5%).ويقول التقرير: كانت الأمية فى الوطن العربى عام 2005 سبعين مليون أمى فى المرحلة العمرية فوق الخامسة عشر (35% من إجمالى عدد السكان) وفى عام 2008 ارتفع تعداد الأميين إلى 100 مليون (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم).الملاحظ هنا أننا نتحدث عن الأمية البدائية المحصورة فى الكتابة والقراءة التى تتزايد يوما بعد يوم ليرتفع العدد من سبعين مليونا إلى مائة مليون من مجمل مجموع سكان المنطقة العربية، نتحدث عن أمية قرطاسية الورقة والقلم، فى حين أن العالم الآن حين يتحدث عن الأمية فهو يقصد أمية التعامل مع معطيات التكنولوجيا الحديثة أو ما نطلق عليها الأمية الالكترونية.ولذلك فى ظل أمية القراءة والكتابة أصبحت القراءة العادية بمفهومها المنسحب على الكتاب الورقى العادى فى وجهة نظر 100 مليون مواطن عربى أمى نوعا من الترف لا يقدر عليه إلا النخبة المثقفة، التى نالت حظها من التعليم الذى يؤهلها لتصفح كتاب أو صحيفة.وبالتالى تكون القراءة الالكترونية فى نظرهم مجرد مصطلح مبهم، ولا مقابل له فى حياتهم اليومية غير أننا استبدلنا ورق الكتاب المألوف بشاشة حاسب آلى ينظرون إليها على أنها صندوق عجائب بعيد المنال.وذلك يعيدنا للسؤال الدائرى ترف أم ضرورة؟وتتبادر للذهن إجابة وحيدة، وهى أن القراءة الالكترونية ليست وحدها التى تعد ترفا بل كل ما يتعلق بالشبكة العنكبوتية وذلك لعوامل كثيرة منها:أولا: الأمية الالكترونيةفالتعامل مع الحاسب الالكترونى يفترض فى المستخدم أن تكون لديه خلفية جيدة من التعليم تمكنه من التعامل مع أجزاء جهاز الكمبيوتر ذاته وبرامجه ولديه القدرة على التعامل مع مدخلات ومخرجات هائلة من المعلومات، وهذا ما عّبر عنه بالمصطلح «المعرفة المعلوماتية» وهذا فى حد ذاته يفوق حتى قدرة الأشخاص الذين لا يندرجون بأى حال من الأحوال تحت بند أمية القراءة والكتابة، فالوصول للمعلومات المطلوبة يتطلب التعامل ليس مع معطيات اللغة وهى العربية بل الإلمام باللغة الإنجليزية أيضا، مع ملاحظة أن المحتوى العربى على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) لا يتعدى 3% من إجمالى المحتوى العالمى كما ذكرت دراسة حديثة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا).وهكذا نجد أن 100 مليون مواطن عربى أصبح محكوما عليهم بالعيش فى عزلة مزدوجة، وأصبح الفرد منهم رهين محبسين، رهين جهله بالقراءة والكتابة من ناحية، ومن ناحية أخرى جهله بما تقدمه شبكة الانترنت من تسونامى هائل من المعلومات، ولذلك يصبح لدينا أمية من نوع جديد ولا خلاف عليها، وهى الأمية الالكترونية التى تعانى منها كل الشعوب العربية، حيث لا تتجاوز نسبة مستخدمى الانترنت فى الدول العربية إلى عدد المستخدمين فى العالم حوالى 7% ومعدل انتشار استخدام الانترنت بين السكان العرب لا يزيد على 6% وهو بذلك من أدنى المعدلات العالمية.وحسب التقرير الثانى الذى أصدرته (المبادرة العربية) www.openarab.net-repertsأنه حسب آخر المعطيات فإن عدد المستخدمين للانترنت فى البلاد العربية تضاعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليقفز من نحو 14 مليون مستخدم فى منتصف يونيو 2004 ليصل فى نهايات عام 2006 إلى نحو 26 مليونا.أى أننا نتحدث عن شأن خاص جدا لا يتعدى 26 مليون مستخدم أغلبهم من الشباب الذين يتعاملون مع الانترنت فى البيت، والمدرسة والجامعة وفى مقاهى النت المنتشرة بصورة واسعة فى كل البلدان العربية ولو اعتبرنا جدلا أنها نسبة جيدة فالسؤال هو ماذا يقرأ الشباب؟.. وماذا يفعلون بالنت؟.. وهل استخدامهم للنت إيجابى أم سلبى؟.ثانيا: الحالة الاقتصاديةالحالة الاقتصادية للدول تتدخل وبشكل رئيسى فى هذا الأمر، فلابد من وجود شبكة كهرباء جيدة، وشبكة اتصالات حديثة للتعامل مع شبكات الانترنت، مع مراعاة توافر تلك الخدمات فى القرى والأماكن النائية مثلها مثل المدن، وينسحب هذا كله وبشدة على الأفراد، فالتعامل مع معطيات التقنية الحديثة يعتمد أيضا على المقدرة المالية للأفراد التى تمكنهم من امتلاك جهاز كمبيوتر والاشتراك بشبكة الانترنت أو على أقل تقدير استخدام مقاهى النت وكل هذا يتطلب مالا..وحسب تعريف البنك الدولى فإن أكثر الفقراء بؤسا هم (من يعيشون بدولار واحد فى اليوم) وعلى هذا الأساس يوجد ما يقرب من 60 مليون عربى يعيشون تحت خط الفقر معظمهم فى مصر والأردن والمغرب والسودان وسوريا وفلسطين واليمن 2005.وحسب تقارير شبكة CNN أن 70% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة البطالة تجاوزت 80% فى الضفة الغربية وغزة 2007.وتبلغ النسبة فى القدس 68% حسب الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات (2008) وحسب وزير التنمية الاقتصادية المصرى فإن نسبة الفقراء فى مصر تبلغ نحو 20% بما يعادل 14 مليون مصرى (8/19/2007).فهل نطالب من اجتمعت عنده أمية القراءة والكتابة بالفقر بأن يكون قارئا رقميا؟ثالثا: القراءة الالكترونية انتقائية:هذا على العموم والسائد لا على الاستثناءات الموجودة فى بعض الدول وفى بعض المراكز المتخصصة، فالقراءة الالكترونية تعتمد وبصورة أساسية على حاسة البصر مثلها مثل القراءة العادية التى تعتمد على الكتاب الورقى، فعلى الرغم من وجود البرامج التى تضع فى اعتبارها أن هناك متصفحين من ذوى الاحتياجات الخاصة من المكفوفين، فإن النسبة الأوسع من المواد المتاحة على شبكة الانترنت تفترض أن المتعامل معها لا توجد لديه مشاكل إبصار، متجاهلة بذلك 170 مليون نسمة هم عدد المكفوفين وضعاف البصر فى العالم (مركز دراسات وأبحاث المعاقين) وحسب (كونا) يوجد فى الوطن العربى حوالى 4 ملايين كفيف، وفى تقرير جيف آدامز مراسل (بى. بى. سى) لشئون المعاقين تحت عنوان (مواقع الانترنت «تخذل» المستخدمين المعوقين) أظهر تحقيق أجرته لجنة حقوق المعاقين أن أغلب المواقع على شبكة الانترنت تعد صعبة الاستخدام بالنسبة للمعاقين، والقليل من المواقع تهتم بتوفير المعلومات بطرق خاصة بالمعاقين.وتبقى مشكلة التعامل مع الانترنت فالقارئ الآلى يساعد الكفيف فى قراءة الكتب والمستندات المطبوعة والملفات الالكترونية ويمكنه كذلك من كتابة نصوص عربية أو إنجليزية، وحفظها بطريقة برايل، إلا أن المشكلة تكون فيما يتعلق بالانترنت فلا يوجد متصفح يمكن الكفيف من التعامل مع الصفحات التى تحتوى على النصوص المدرجة على شكل ارتباطات أو صور.. فتكنولوجيا الصور مثلا لا تستطيع طريقة برايل حتى الآن التعامل معها، هذا بالإضافة إلى مشكلة الجرافيك والارتباطات وصعوبة الوصول إلى أرشيف المواد المحفوظة.وهكذا ما بين الضرورة والترف يظل السؤال معلقا ينتظر إجابة.. ربما تأتى من إنسان تخلص من هم المعدة لينشغل بالقراءة سواء ورقية أو الكترونية

قلب الكاوبوى لا يتسع لأسودين!

إننى أحلم اليوم بأن أطفالى الأربعة سيعيشون يوما فى شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوى عليه أخلاقهم
.
قالها مارتن لوثر كنج فى الوقت الذى كان هو وغيره من زنوج أمريكا يناضلون من أجل مقعد أمامى فى وسيلة مواصلات مثلهم مثل بيض البشرة، وعندما جاء الوقت لتحقيق الحلم، واستقل أوباما حافلة التاريخ من أوسع أبوابه الأمامية كرئيس لأمريكا العظمى، كان لابد من فتح باب خلفى يخرج منه زعيم أسود آخر، وخرج مايكل جاكسون. أشهر قليلة تفصل بين تنصيب أوباما ورحيل مايكل جاكسون، وكأن العالم لا يتسع لملكين أسودين كل منهما متوجا على مملكة من نوع خاص، أوباما كأول رئيس أسود فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ومايكل جاكسون ملك البوب وأسطورة الغناء الذى تسلم 6 أرقام قياسية من موسوعة جينيس، وأول مغن أسود يتم عرض كليباته فى محطة MTV.ولد مايكل جاكسون فى شهر أغسطس، وكذلك أوباما ولد فى نفس الشهر يفصل بينهما ثلاث سنوات، جاكسون فى عام 1958 وأباما فى 1961. بعد ميلاد أوباما بسبع سنوات امتدت يد بيضاء لتغتال أحلام مارتن لوثر كنج فى فبراير 1968، فتضع نهاية حياة أول زنجى تمنحه مجلة “تايم” لقب “رجل العام” وأصغر رجل فى التاريخ يفوز بجائزة نوبل للسلام عام 1964 وعمره 35 عاما.يولد أوباما، فيترجل مارتن لوثر قسرا تاركا له صفحات التاريخ تنتظر توقيعه الرئاسى، يأتى أوباما رئيسا محققا حلم كنج، فيترجل الملك مايكل جاكسون.ألا يتسع قلب الكاوبوى لزعيمين يحملان جينات اللون الأسود؟