Sunday, June 27, 2010

يوميات شاب مهزوم


عندما تحولت بعض المدونات على شبكة الإنترنت إلى كتب ورقية، هاجمها البعض وامتدحها البعض الآخر. تركز الهجوم على اعتمادها اللغة العامية فى التدوين وما يستلزمه من عدم التقيد بالقواعد اللغوية والنحوية والتركيزعلى المفردات المستحدثة والمنحوتة التى تميز اللغة العفوية التى تقوم عليها تدوينات الشباب فى مدوناتهم الإلكترونية. وجاء المديح بالطبع من جهة الشباب المتحمسين لأصدقائهم مبررين أنهم يكتبون ما يشعرون وما يعانون دون أن يشغلهم هم التنميق اللغوى. ومن بين المدونات والتدوينات التى صدرت مؤخرا فى طبعة ورقية «يوميات شاب مهزوم» للشاب سيد عادل. جاء العنوان مراوغا فلا توجد روح للانهزامية فى الكتاب على الاطلاق ولا أثر لليأس الذى يستوجبه الشعور بالهزيمة. فكما هو معلوم تاريخيا أن المنتصر يفرض شروطه على المهزوم ويمحو ذكره تماما ليسجل انتصاراته هو، ولكن مع «يوميات شاب مهزوم» وعلى عكس طبائع المهزوم الذى لا يسجل هزائمه، سجل «سيد عادل» يومياته لتكون نصرا له على احباطات الحياة وضغوطاتها المستمرة. كتب عن فكرة الكتابة نفسها وكيف لجأ إليها كمحاولة للانطلاق وكسر حاجز الصمت، فجاء فعل الكتابة مبارزة شجاعة لكل الهزائم المفترضة. وإن كان الكاتب اعترف فى المقدمة بأنه ليس موهوبا وليس أديبا، فقد كان هذا الاعتراف مراوغا هو الآخر، فقد ظهر من أسلوب كتابته وتناوله للموضوعات المستهدفة وبالمقارنة بمثيلاتها من الكتابات الحديثة التى تندرج تحت مسمى الكتابة الساخرة، ظهر جادا فى لغته الملتزمة التى لا تعتمد على توثيق المحكى من المفردات، بل تستعين بها وتوظفها بمهارة تنم عن موهبة تكمن فى البعد عن فجاجة البوح أو التصوير المباشر وكأنه أراد أن يقوم بعملية «كى وعى القارئ» بإيهامه بأنه مثله يتعرض للهزائم مما يمهد طريقا طبيعيا للتلقى والتفاعل بين قرائه الذين يماثلونه فى العمر والضغوطات. ضم الكتاب مجموعة من المقالات تحمل صبغة السخرية وبلغة متوازنة تجمع بين العامية والفصحى، بل من الممكن أن نطلق عليها أنها «عامية فصحى» حيث إن الكاتب لم ينزلق تماما إلى اللغة العامية، وفى نفس الوقت لم يكتبها بالعربية الفصحى الخالصة. وبتتبع موضوعات المقالات، سنجد روح السخرية البناءة الناقدة لبعض المظاهر الحياتية والسلوكية التى يراها كشاب له رؤية وله حق التعبير عنها، لا يفرضها فرضا على القارئ، فهو كغيره من الشباب الذين يتمسكون بحقهم فى الاعتراض حين يواجهون الزيف والخداع الذى تحمله بعض اعلانات الوظائف والمسابقات والخطوط المجانية التى تبيع وهم الكسب السريع للشباب. ومن خلال مقالات الكتاب نجد ملمحا ذا نزعة أخلاقية ناقدة لما يراه فى غرف الشات وملابس الفتيات»فوائد البنطلون الضيق» وبعض الأفلام المعروضة التى لا تراعى خصائص مرحلة الفوران التى يمر بهاالشباب دون بارقة أمل فى اشباعها على المدى القريب، وكيف أن على الشاب مقاومة إغراء الفاتنات اللواتى يملأن الطرقات أينما نظر أو ذهب. تناول أيضا صرعة الفتاوى الجاهزة والتفصيل وفقا لأهواء ونزعات البعض «فتاوى الزعفرانى». وفى «حكايات جحا» يطل أسلوب «كليلة ودمنة» لتجنب الحديث السياسى المباشر الذى أصبح عمل من لا عمل له فى سبيل الحصول على لقب «ناشط حقوقى» يتيح له مغازلة بعض الاتجاهات على أمل الحصول على وظيفة أو عروسة تبحث عن فارس يهتف فى المظاهرات ثم يعود وينام ملء جفنيه. فى مقال له يهاجم ظاهرة «أنت ماتعرفش أنا مين» التى يتيه بها المنتفشون الجدد على خلق الله من أجل الإيهام بالأهمية الزائفة التى تنبع من شعور دفين بالنقص، ويتناو ل أيضا الواسطة فى المصالح الحكومية والمستشفيات. بل إنه يبث الروح فى أبى الهول «جاللى فى الحلم» لينتقد من خلاله اهمال الزراعة والاهتمام المبالغ فيه بكرة القدم . وفى «دراسة فلسفية» تظهر موهبته فى تحليل اتجاهات الشباب المتعصبين لمطرب دون غيره وارجاعها إلى مشكلة الثنائية أو الوله بالتفرقة بين المجموع وفقا للجنس أو الدين أو المذهب والذى امتد إلى المطرب المفضل الذى حاز أكبر عدد من المعجبين والمعجبات لصفاته الجسدية، لا موهبته الفنية كما هو مفترض. هناك أيضا حديث عن التدين الظاهرى الذى لا يواكبه سلوك سوى وممارسات راقية للتعامل مع الآخر، وكيف أن هناك ميلا لفعل كل ما هو مكتوب عليه «ممنوع» من مبدأ مخالفة الأوامر والتعليمات وكأن الممنوعات مكتوبة لكى نخرقها. وفى «تلكس إلى» يوجه برقيات سريعة تكشف الخط القيمى الأخلاقى الذى بنى عليه كتابه دون أن يصرح أو يعترف بذلك. كان من الجميل أن يتحدث شاب فى مثل سن الكاتب عن السلبية التى تقف على قمة الاتهامات الموجهة من الكبار إلى جيل «سيدعادل» فكتب «امش جنب الحيط.. للجبناء فقط» يهاجمم السلبية التى تولدت نتيجة القهر والخوف المتوارث منذ أجيال. يتمنى الكاتب أن يكون الرجل العادى، الأب الذى يعمل من أجل أطفاله هو النجم الذى تسعى إليه البرامج، ليس هذا التركى المستورد فى المسلسلات المدبلجة التى تشبه المسلسلات التى يتم انتاجها فى الغرب لتسلية العجزة وكبار السن فى دور المسنين .كتاب «يوميات شاب مهزوم» لسيد عادل ملئ بالأفكار التى تستحق التوقف عندها وتشجيعها لصدورها عن شاب لم يتجاوزالخامسة والعشرين من عمره، ويتمتع بوعى كبير يشير إلى أن هناك الكثير من الشباب على طريق الصحوة وإعمال العقل المفكر الناقد كمحاولة لتجاوز الحاضر بهزائمه إلى مستقبل لن يصنعه غيرهم
مجلة أكتوبر العدد1757
انتصار عبد المنعم.

Monday, June 21, 2010

قالوا عن رواية لم تذكرهم نشرة الأخبار/وقائع سنوات التيه



مقتطفات من الدراسة التي كتبها الشاعر والناقد أحمد فضل شبلول تحت عنوان "رواية الإسكندرية بين التجلي والخفاء" والتي تضمنها كتاب مؤتمر اليوم الأدبي الواحد الذي أقيم تحت عنوان (تطور الرواية السكندرية في الربع الأخير من القرن العشرين والذي أقيم في يوم 13يونيو بالأسكندرية

وقائع سنوات التيه في رواية انتصار عبد المنعم
مابين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي تتردد رواية انتصار عبد المنعم لتؤكد لنا أن الكاتبة على وعي عميق بكل المتغيرات التي تمر في بلادها سواء على الصعيد المحلي أو العربي خلال الثلاثين عاما الأخيرة
******
ولأن مقدمات الواقع نفسه لم تقد إلى نتائج منطقية ، جاءت الرواية على هذا النحو، فمن يتوقع أن أولاد عبد الحميد الشرقاوي ابن الحكومة الذي يعمل بالداخلية ويُحسب له ألف حساب ، تصل الأمور بابنته نادية إلى هذا الحد، ويهاجر ابنه الوحيد ماجد إلى اسرائيل مع راقصة بلشوي معتزلة، ليبدأ حياته هناك بعد أن تلطم كثيرا في حياته بعد تخرجه ، وقبض عليه بالخطأ، لأنه كان يسير بجوار مظاهرة يشارك فيها بعض الشباب من الجماعات الإسلامية،ولأنه لم يحلق ذقنه منذ عدة أيام بسبب قرفه وزهقه وبحثه عن عمل ، فظن أفراد الشرطة أنه من هلاء الشباب المنتمين للجماعات الإسلامية
******

عندما عرضت عليه نتاشا الذهاب معها إلى اسرائيل وأقنعته بأن هناك معاهدة سلام بين البلدين، لم يجد ماجد من فكر يحميه أو من وازع وطني يشده للبقاء في مصر. وعلى الرغم من الكاتبة لم تهدف من روايتها إلى التحذير المباشر من أن سوء معاملة الشباب ، وعدم توفير فرص العمل الشريف لهم ، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ،تكون مغبته وعواقبه أكثر بكثير مما يظنه البعض ، فإن ملامستها لهذه القضية الخطيرة ، ملامسة فنية عابرة ،قد فجر الكثير من علامات الاستفهام ، واوضح الكثير مما هو مسكوت عنه بهذه القضية التي يحاول الإعلام أن يدير ظهره لها ، ولكن تفضحها الكاتبة بمقدمات مقنعة تقود إلى نتئج محسوبة وخطط لها سلفا على الجانب الآخر
**
وعلى الرغم من أن هذه الرواية الأولى للكاتبة انتصار عبد المنعم ، سبقتها مجموعة قصصية بعنوان "عندما تستيقظ الأنثى" إلا أنها تعتمد على خبرة حياتية كبيرة ، ووعي حاد بالوجود من حولها ، فضلا عن امتلاكها لنفس طويل في الكتابة ، أتاح لها التأمل رغم سرعة الأحداث واختصارها أو اختزالها في فصول معينة ، بما يشي بإجادة الكاتبة لبلاغة الاختزال ، أو بلاغة الحذف ، فلا مجال للثرثرة والحكي الزائد أو السرد الذي يدخل بنا في مناطق مترهلة كان يمكن أن تطول بها عن234صفحة ، هي عدد صفحات الرواية .

Monday, June 14, 2010

مناقشة "وقائع سنوات التيه" فى اتحاد الكتاب




http://youm7.com/News.asp?NewsID=240312&SecID=94&IssueID=0

****
تقيم شعبة القصة والرواية باتحاد الكتاب ندوة لمناقشة رواية "لم تذكرهم نشرة الأخبار وقائع سنوات التيه" للكاتبة انتصار عبد المنعم في السابعة من مساء يوم الأحد الموافق 20 يونيو
.يناقش الرواية الدكتور جمال التلاوى، والناقد محمد الفخرانى، والشاعر الكبير والناقد أحمد مبارك وتديرها القاصة هالة فهمى رئيسة شعبة القصة والرواية باتحاد الكتاب.

والكاتبة انتصار عبد المنعم قاصة مصرية لها إصدارات فى مجال أدب الطفل، ومجموعة قصصية " عندما تستيقظ الأنثى" عن المركز الدولي للتنمية الثقافية بالقاهرة "نون" و "لم تذكرهم نشرة الأخبار" هى روايتها الأولى..

*******
من خلال أسرة مصرية عادية تطرح الكاتبة بعض المشاكل الخطيرة التي تضيق على الجميع حيواتهم مثل بعض التجاوزات الأمنية من رجال الشرطة ، وبيع وخصخصة شواطئ الإسكندرية وانعدام فرص العمل ، فيلجأون إلى حلول يائسة لتعويض مرارة التيه الذي يعايشونه في وطنهم بالفرار منه . يختار البعض الهجرة في مراكب متهالكة فيفقدون حياتهم ، و"ماجد" يجد نفسه بلا أرضية ثابتة تربطه بوطنه فيقع تحت تأثير راقصة البلشوي المعتزلة نتاشا اليهودية ويبدأ رحلة التيه في اسرائيل مستغلا حادثة انهيار الحاجز في رفح للتسلل إلى اسرائيل ، وطارق يجد مهربا في الرحيل إلى دولة خليجية ليعيش رحلة التيه في جدة ، ونادية تتخلى عن مبادئها وتتزوج زيجة عادية قائمة على المال والسلطة لتنهي احلامها مابين مستشفى الامراض النفسية وبيت والدها بلا أمل في مستقبل يجمعها مع رفيق صباها "طارق" فيقودها خيالها ومتأثرة بخللها النفسي الذي دفعها إلى محاولة الانتحار، يقودها وكمحاولة للتغلب على مرارة الواقع إلى العودة بخيالها وأحلامها إلى الماضي تسترجع ماضيا جميلا ..

Wednesday, June 02, 2010

"مؤتمر أدباء مصر

"مؤتمر أدباء مصر" كل شئ يبدأ بحلم صغير

خمسة وعشرون عاما ، وأربعة وعشرون دورة لمؤتمر أدباء مصر ومازالت الرؤى يسودها الضباب من تحديد الهدف منه ، أو من جدوى انعقاده كل عام دون مراعاة توسيع قاعدة المشاركة فيه لينطلق نحو العالمية . والمقصود بالعالمية هنا ليس ما يتم تأويله دوما بدعوة كبار الأسماء الأدبية من خارج مصر . ولكن المقصود بالعالمية هو أن يكون موضع اهتمام ومتابعة من كل الوسائل الاعلامية المحلية والدولية ، وهذا لن يتأتى إلا بعد أن يثبت مقدرته على استيعاب القضايا العامة والاهتمامات المشتركة على الساحة الثقافية والفكرية . وهذا أيضا لن يتم إلا بالتغيير والاستفادة من أخطاء السنوات السابقة والمتعلقة بجوانب كثيرة ومنها :

أولا : المشاركة في المؤتمر

حيث يتجاوز عدد المشاركين فيه 300 فرد مابين موظف إداري وإعلامي وأعضاء نوادي أدب وشخصيات عامة . وإذا ما نظرنا إلى المشاركين من نوادي الأدب على سبيل المثال ، نجد أن المشاركة في المؤتمر تحكمها آلية واحدة تصب في صالح ذوي النفوذ القادرين على فرض تواجدهم ، والذين وفي أحيان كثيرة لا تكون لهم أعمال أدبية ذات قيمة حقيقية ، ولكنه واقع نوادي الأدب المليئة بالمشاكل والتربيطات والشللية والنتيجة ألا تتاح الفرصة لذوي المواهب الحقيقية للمشاركة في المؤتمر . ولذلك أعتقد أن من أول خطوات التطوير هو أن يتم وضع شروط معينة تتجاوز عدد مرات المشاركة إلى الاضطلاع على أعمال المرشحين ، ثم يتم تكليف لجنة خاصة من أعضاء الأمانة العامة لتقييم المرشحين وفق أعمالهم الأدبية المنشورة ، ومساهماتهم المتوقعة ومدى اثرائهم لمحور المؤتمر . على أن يتم في نهاية المؤتمر تقييم اسهامات الأعضاء المشاركين لمعرفة مدى جدية اختيارهم وهل كانوا فعلا أهلا للمشاركة أم لا . بل من الجيد أيضا أن يتقدم كل ناد أدبي بورقة عمل في نفس سياق المؤتمر ، ومن المفترض أن يتم الاستفادة بخبرات الشخصيات العامة التي تحضر المؤتمر ، ومن المفترض أن يعد ممثلو الاعلام المشاركين في المؤتمر خطة للتعاطي مع المؤتمر كحدث مميز يستوجب الاهتمام في نقل فعالياته والترويج له قبل انعقاده وفي أثناء انعقاده مما يكسبه رواجا على المستوى المحلي والدولي .

ولكن الحال الآن أن المؤتمر ينعقد ،ويوضع له برنامج محدد للجلسات والنقاشات ولا تجد في الحضور نصف العدد من الأدباء المشاركين في المؤتمر . والسؤال هو لماذا أتوا من الأساس؟ البعض يعتبرها مناسبة سنوية جيدة لتوسيع دائرة المعارف داخل الوسط الأدبي والصحفي المتواجد، والبعض يعتبرها فرصة لتغيير الجو ورؤية مدن جديدة والتمتع بالخدمة الفندقية المجانية . فماجدوى كل هذا ؟ وما مردوده على المشهد الثقافي؟ . ولماذا يتم انفاق آلاف الجنيهات على خدمات الإعاشة والتنقلات في الوقت الذي لا يجد فيه الأديب تكلفة علاجه حين يمرض ويجد نفسه في موقف المتسول لحق أصيل من حقوقه ؟. المؤتمر ببعض اللمسات التنظيمية من الممكن أن يتجاوز الفكرة السائدة أنه احتفالية سنوية ومهرجان ترفيهي بعد عام من العمل والركض هنا وهناك وراء نشر عمل أدبي أو ملاحقة مسئولي السلاسل الأدبية أملا في تجاوز طابور الانتظار الذي يطول لسنوات وسنوات .

ثانيا : بالنسبة للأبحاث ينبغي أن تتاح الفرصة أمام الجميع للمشاركة بأبحاث في المحور المقترح للمؤتمر ، وأن تشكل لجنة لاختيار أفضل البحوث من حيث ارتباطها بموضوع المؤتمر وجدية الباحث وجودة البحث نفسه ثم يتم بعد ذلك نشرها في كتب أبحاث المؤتمر . وهذا غير ما يحدث الآن ، فهناك مجموعة باحثين بعينهم يقع عليهم الاختيار لاعداد البحوث والدراسات والشهادات التي يتم طبعها في الكتب التوثيقية للمؤتمر . وفي أحيان كثيرة تأتي البحوث بعيدة عن موضوع المؤتمر كأنها لم تكتب خصيصاً له أو أنها تحصيل حاصل .

ثالثا : بالنسبة لمطبوعات المؤتمر ،التي يحصل عليها الأدباء في أول أيام المؤتمر متضمنة أبحاث المؤتمر

والتي لا يجد الأدباء فرصة للقراءة والإضطلاع عليها إلا بعد عودتهم إلى مدنهم ليجدوا فيها ما يستحق النقاش والتساؤل ، وهذا ما كان يجب أن يتم في أثناء المؤتمرالمجدول البرامج لا بعد تمامه وانعدام فرص التواصل مع نفس الجمع الذي احتشد من أجل شأن لا يحيطون بعلمه كما يجب . ولذلك فمن يحضر منهم حلقة نقاشية يأخذ طابع المتلقي السلبي الذي يكتفي بالانصات لبرهة ثم يأخذ نفسه وينصرف ليلتقط بعض الصور التي تخلد الذكرى السنوية .

من المفترض أن تكون لدى الأدباء الذين يحضرون رؤية وقضية واضخة للعرض والنقاش داخل فعاليات المؤتمر ، ولكي يكون لهم رؤية واضحة يستلزم أن يكونوا على دراية بما ستتم مناقشته في الموائد المستديرة والندوات وكل فعاليات المؤتمر . أليس من الأفضل أن تكون مطبوعات المؤتمر في يد المشاركين قبل انعقاده بفترة تكفي للقراءة ولو على سبيل الاستكشاف لتكون هناك خلفية وأرضية لنقاشات مثمرة داخل المؤتمر نفسه؟

رابعا : وهو شأن يتعلق بالأدباء أنفسهم الذين يحصرون أنفسهم داخل حدودهم الضيقة التي لا تتجاوز الحيز الجغرافي المقيمين فيه في القرية أو المدينة التي أتوا منها، لا يهمهم غير عرض مشكلة ما في نادي أدبي أو بيت ثقافة ولا شيء غير ذلك . يأتون بمشكلة فرعية محلية تظل تشغل فكرهم لا يتجاوزونها . ومن الغريب أن تعلو الأصوات المستنكرة لمسمى أدباء الأقاليم وهم أنفسهم يسجنون أفكارهم وطموحاتهم بحيث لا تتجاوز أنوفهم على الرغم من الانفتاح المعلوماتي المتاح على شبكة الانترنت الذي ألغى الحدود الجغرافية ، وذوب الفواصل الزمنية فلم يعد هناك أي معنى للشكوى المكرورة من مسمى يستهجنونه قولا ويتشبثون به فعلا وواقعا ملموسا .

وأعتقد أن المؤتمر لكي يتحول إلى برلمان أدبي سنوي لابد من اتخاذ بعض الخطوات الطموحة والتي قد يعتبرها البعض خيالا أو أحلاما ، ولكن كل شئ يبدأ بحلم صغير ثم يتحقق :

أولا : تحديد الهدف من انعقاده في الأساس ، والهدف من اجتماع 300 أديب في مكان واحد .

ثانيا: امكانية عقد فعاليات المؤتمر في محافظتين أو ثلاث مثلما يحدث في كأس العالم فيكون حدثا جماهيريا لا شأنا خاصا يتعلق بشريحة معينة .

ثالثا : امكانية التحضير له في كل قصور الثقافة ونوادي الأدب على مدار العام ببحث قضايا محددة ينتج عنها أوراق عمل يتم نقاشها في أثناء انعقاده .

رابعا : امكانية تحول المؤتمر إلى هيئة لديها صلاحيات وامكانيات موسعة مثل مهرجان القاهرة السينمائي مثلا، وما يستلزمه من جديه واستقلالية وهذا في حد ذاته ليس بالمعجزة مع وجود ميزانية مستقلة له تجاوزت هذا العام على سبيل المثال 600 ألف جنيه لم تسهم المحافظة المستضيفة بأكثر من 10بالمائة منها.

يحتاج المؤتمر لرجال مخلصين ، وبعض الجدية ، وروح شابة من داخل وخارج أروقة الوظيفة الروتينية ليتحول المؤتمر من كونه رحلة ترفيهية إلى حدث ثقافي مستقل يهتم به الجميع .

انتصار عبد المنعم

مجلة الثقافة الجديدة العدد233فبراير2010