Saturday, May 25, 2013

انتصار عبد المنعم: المغامرة دفعتني إلى تقليد أصوات الطيور


  • انتصار عبد المنعم: المغامرة دفعتني إلى تقليد أصوات الطيور

بوابة المرأة المصرية
http://nisfeldunia.ahram.org.eg/NewsQ/1259.aspx
2013-1-13 | 15:59
تكتب انتصار عبد المنعم الرواية والقصة بخصوصية أكسبتها ثقة القارئ، ومكنتها من حصد جوائز متعددة، منها المركز الأول في القصة القصيرة بمسابقة إحسان عبد القدوس 2010، وجائزة الدكتور عبد الغفار مكاوي للقصة باتحاد الكتابعام 2011 عن مجموعة (عندما تستيقظ الأنثى)، كما تم اختيارها للتكريم عن أديبات مصر في أول مؤتمر لأدباء مصر بعد الثورة العام الماضي، وحازت درع الهيئة العامة لقصور الثقافة، ودرع اتحاد كتاب مصر.
لانتصار عبد المنعم إسهام متميز أيضًا في الكتابة للطفل، فضلاً عن مشاركتها في مؤتمرات وورش عمل في هذا المجال، منها ورشة " كن ليبراليًّا " لكتاب الطفل حول "تنمية مبادئ الليبرالية وحقوق المواطنة عند الأطفال" ، برعاية مؤسسة فريدريش نومان الألمانية.
في حديثها لنا، تحكي انتصار عن تجربتها في "الكتابة للطفل"، قائلة: "الحاجة أم الاختراع"، هكذا يقولون، وهذا ماحدث معي. فمنذ أكثر من عشرة أعوام بدأت علاقتي بأدب الطفل، ومن الغريب أن الأمر بدأ معي شفاهة دون تدوين، ويرجع الفضل في ذلك إلى إقامتي الطويلة خارج مصر في مدينة لا تمنح للأطفال البهجة، فوجدت أن دوري (كأم) يحتم عليّ تقديم خبرات الحياة في صورة مبهجة إلى الأطفال الذين ينفرون من المعلومة المجردة .
وبدأت في الاستزادة من العلوم المختلفة. ثم في أمسيات الشتاء الطويلة والصيف المملة كنت أدس نفسي بينهم في فراشهم، أخلط المعرفة بالمغامرة لتخرج القصة شفاهة. كنت أقلد أصوات الطيور والحيوانات، بل جعلت من أطفالي أبطالاً للقصص التي أرويها لهم . كانت الصغيرة (غيداء)، كما في الواقع، تأخذ دور المشاكسة، و(أسيل) تأخذ دور المغامرة العاقلة، أما (محمد) فهو المغامر الطائش، وفي كل حكاية كانت لهم مغامرة مليئة بالمعلومات والمرح جنبا إلى جنب، فأحيانًا تكون المغامرة في عالم الفراشات ومن خلالها نتعرف على أنواعها المختلفة، وأحيانا في الغابة لنعرف كيف يعيش الفيل الإفريقي، وكيف يختلف عن مثيله الهندي، وأحيانًا في عالم ذوي الإعاقة.
وهكذا في كل يوم كنت أقص قصصًا جديدة دون تدوين. وعندما كبر الأطفال، أردت أن أخلد لحظاتنا معا، فكانت المشكلة أني نسيت أحداث أغلب القصص، فطلبت من أطفالي الذين أصبحوا كبارا أن يقصوا عليّ ما كنت أقصه عليهم. وقد كان، واستعدت القصص في صورتها الأولى، ثم عملت عليها تنقيحا وتعديلا، وفوجئت بمحصلة جيدة تناسب أعمارا مختلفة، وبها قدر من المعلومات ومن خبرات الحياة وكيفية التعايش مع الآخر ومع البيئة المحيطة.
وعلى الرغم من انشغالي بعالم السرد القصصي والروائي، تقول انتصار عبد المنعم، جاءت لي فرصة الاشتراك في ورشة  "كن ليبراليا" لكتاب الطفل حول تنمية مبادئ الليبرالية وحقوق المواطنة عند الأطفال، برعاية مؤسسة فريدريش نومان الألمانية، فقررت العودة إلى عالم الطفولة الجميل، ونشرت بعدها في مجلة "قطر الندى" وغيرها. ومؤخرًا حدثت المفاجأة الأجمل على الإطلاق، والفضل يعود إلى صديقي كاتب الأطفال (محمد عاشور هاشم)، الذي حثني على التقدم لمسابقة سلسلة الكتب الثقافية لمكتب التربية العربي لدول الخليج، وكانت المفاجأة أني حصلت على المركز الأول في المرحلة الخامسة للمسابقة عن قصة (الأميرة الصلعاء).
وعن حاضر ومستقبل الكتابة للطفل، في ظل هيمنة الصورة والإنترنت والتقنيات الحديثة، تقول انتصار عبد المنعم:حاضر ومستقبل الكتابة للطفل يحدده كاتب أدب الأطفال نفسه. أي لابد لكاتب أدب الطفل أن يستوعب أن الطفل لم يعد هذا الذي يرتضي الجلوس ليسمع قصة ما وهو عاقد ذراعيه أو وهو يستعد للنوم. بل يجب عليه أن يقدم للطفل ما يجذبه ويغنيه عن متابعة برامج الفضائيات أو شبكة الإنترنت. فلابد أن تكون القصة ذاتها عالما ديناميكيا به قدر من التشويق والمغامرة، جنبًا إلى جنب مع القيمة أو المعلومة التي يريد إيصالها له. أما من يغض الطرف عن ذلك كله، ويصر على كتابة قصص مباشرة تتحدث عن قيم أخلاقية بصورة تقليدية على شاكلة  "الولد الشاطر" الذي تظهر شطارته في شرب اللبن وغسيل أسنانه، فلن يهتم بها أحد، ولن يكون لها أي تأثير.
وبسؤالها: لماذا تراجع أدب الطفل في مصر، بل وفي العالم العربي، في الآونة الأخيرة، أجابت الكاتبة انتصار عبد المنعم: النظرة المنقوصة لأهمية مرحلة الطفولة هي السبب الرئيس في عدم الاهتمام بالكتابة للطفل، بل وكل ما يخص عالم الطفولة. والحقيقة أن مصر تتميز عن غيرها من الدول بالنظرة الدونية لكاتب أدب الطفل، ومجال الكتابة للطفل عامة. فهناك نظرة متوارثة أن الكاتب يبدأ بالكتابة للطفل ثم "ربنا يفتح عليه"  فيكتب رواية وقصة وشعرًا بعد ذلك! أي أن الكتابة للطفل محطة للبدء فقط. ومصر بها من الجوائز الكثير، لكن أدب الطفل منسي للأسف. وهناك بعض الدول العربية تهتم بالأمر، وتخصص جوائز ذات قيمة مالية كبيرة للفائزين.

نقاد مصريون يشيدون بـ 'نوبة رجوع' شوكت المصري: انتصار عبدالمنعم تخرج من نطاق الجنس بمعناه البيولوجي لتكتب بلسان الذكر فتعبر حدود القولبة النمطية النسوية.

ميدل ايست أونلاين

يجب أن تفخر بروعة أن تكون مبدعة

القاهرة ـ أشاد نقاد مصريون بالمجموعة القصصية "نوبة رجوع" للقاصة والروائية انتصار عبدالمنعم، وأجمعوا على أنها خير مثال لما يعرف بـ (القصة القصيدة). جاء ذلك في الندوة التي أقامتها لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة لمناقشة المجموعة القصصية (نوبة رجوع) الصادرة عن دار الكفاح بالدمام بالسعودية . ناقش المجموعة الناقد والشاعر شعبان يوسف، والدكتور شوكت المصري، والناقد والقاص سمير عبدالفتاح، والناقد شوقي عبدالحميد يحيى. وأدار الندوة الكاتب والناقد ربيع مفتاح.
وقال شعبان يوسف: (نوبة رجوع) مجموعة متميزة ومتنوعة لا يوجد بها قصة تشبه أخرى. تجمع بين مميزات القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا من حيث التركيز والتكثيف بعيدا عن التكرار أو الاسهاب وهذا ما يزيد من صعوبة الكتابة نفسها. المجموعة قفزت على القصة القصيرة التقليدية برشاقة مميزة لتحصل في النهاية على مجموعة مميزة من الممكن أن نطلق عليها (القصة القصيدة) يميزها الاسلوب الدافيء الناعم الذي يربط بين كل قصص المجموعة. ما فعلته الكاتبة في (نوبة رجوع) كان مميزا فإلى جانب اللغة التي تميزت بها المجموعة، هناك أيضا صياغة عبارات بها من الادهاش الكثير. هذه العبارت تميزت بها الكاتبة وكأنها تنحتها مثل (تحمل قلبا يرفض قفصك الصدري)، (تمارس يأسك على قارعة الطرقات) وغيرها مما يضفي الشاعرية على المجموعة لنجد أمامنا شكلا جديدا وهو (القصة القصيدة) هذا المصطلح الذي أطلقه أولا الدكتور عبدالقادر القط ثم استخدمه ادوارد خراط بعد ذلك، وبرعت الكاتبة في استخدام هذا النوع في مجموعتها.
أيضا ـ يواصل يوسف ـ نجحت الكاتبة في استخدام اللغة المناسبة لكل قصة مما أخرج الموت من مفهومه المعتاد كمناسبة للحزن لتجعله بداية لحياة أو مرحلة جديدة، نعم للموت حضور كبير ولكن بمعان مختلفة وجديدة كما في قصص (انتقال، شاهد) وغيرهما. حتى في استخدامها لبعض المفردات غير المألوفة مثل (تين شوكي، كانون) وغيرها كان هناك انسجام تام بدون أي نتوء أو تنافر. ومن أجمل قصص المجموعة (شاهد، يمامة ، انتقال)، أما الحرفية في الكتابة فقد ظهرت واضحة في قصة (رجل) لتتحدث بلسان الرجل المهدورة كرامته داخل بيته ويحاول تعويضها بصورة أو أخرى خارجه.




وقال الناقد الدكتور شوكت المصري عن المجموعة: نجحت الكاتبة في مجموعتها أن تستقريء في الحياة موتا وفي الموت حياة. فبالرغم من مشهد الموت الظاهر في المجموعة إلا إنه ليس نهاية حزينة بل بداية لحياة قادمة. ففي المعتاد للحياة أن تبدأ بالميلاد ثم الحياة ثم الموت، إلا أن الكاتبة بدأت بالموت ثم الحياة ثم الميلاد. المجموعة بوجه عام هي حالة شعرية خالصة منذ أن اختارت العنوان والغلاف وعناوين القصص التي تخدم السرد الداخلي في القصص لتستلهم الحياة من الموت. وأضاف المصري أن في المجموعة تخرج القاصة ليس من الشكل أو الجنس الأدبي المعروف للقصة القصيرة، بل تخرج أيضا من نطاق الجنس بمعناه البيولوجي لتكتب بلسان الذكر فتعبر حدود القولبة النمطية النسوية المتمركز حول الذات بمعناها وهويتها البيولوجية. تهتم بالتفاصيل الصغيرة مع تكثيف شديد للغة بعيد عن الزيادات لتوحي بحالة شعرية متميزة. هذه المجموعة المتميزة تجعلني أقول: )انتصار عبدالمنعم يجب أن تفخر بروعة أن تكون مبدعة).
وذكر الناقد والقاص سمير عبدالفتاح أن "نوبة رجوع" من المجموعات التي لفتت نظري بشدة كونها قفزت على ما يسمى بالكتابة النسوية، لتعبر التصنيف وتطرق موضوعات متعددة ومتنوعة قفزت بها على النمطية التي عهدناها في كتابة المرأة. وأضاف: في المجموعة نلحظ روحا من التمرد سواء على المستوى الشخصي لشخوص القصص (توك توك 45) أو على مستوى تجاوز الشكل المعتاد للقصة أو موضوع القصص نفسها، وهذا ينطبق على كثير من القصص، ومنها على سبيل المثال (متى يأتي سانتا، ويمامة) وغيرهما. وفي ذلك كان لها قاموس لغة ثري خاص بها جعلها قادرة على الاستغناء عن العامية المبتذلة.
الكاتبة تنحاز إلى شخصيات من طبقة لا يهتم بها أحد ولا يلاحظ وجودها في المجتمع . ولكنها تكتب عنهم وتعطيهم أهمية بأسلوب مميز ولغة متفردة متميزة. لها أسلوب وجيز ومكثف وكأنها تزن مفرداتها على ميزان للذهب، ولها قدرة الانتقال من حالة إلى أخرى بسهولة وتميز.
أما الناقد شوقي عبدالحميد فقد قال: هناك نوع من التحدي في المجموعة. فالكاتبة تحدت الشكل المتعارف عليه للقصة والقصة القصيرة جدا لتخرج من حدود التقليدية مع أخذ مميزات الشكلين معا. وهناك تحد في تنوع الموضوعات والشخصيات التي تكتب عنهم مع الحفاظ على الجو العام أو الشعور المشترك الذي يجعل هناك وحدة تربط قصص المجموعة. ومما يميزها أيضا الحركة التي تأتي من داخل الحدث نفسه الذي تتناوله وكأنها ترسم لوحة بتفاصيلها لتبعد عن المباشرة الفجة ساعدها في ذلك لغتها المتميزة والمكثفة.