Wednesday, November 07, 2007

وللبحر شئون



وللبحر شئون


وقف علي شاطيء البحر بقامته العالية كنخلة في الوادي ، لا يرتدي غير سروال قطني قصير ينتهي أعلي ركبتيه، قدماه العاريتان كمرساة سفينة خشبية ، ساقاه يابستان تنفر عروقهما من تحت جلده المعرج فتظهر ككثبان رملية كتلك التي تحيط بمدينته، ظهره لفحته الشمس حتي صار بلون خبز جدته اليابس المقمر في تنورها الطيني. يحمل علي كتفه الأيمن شبكته الغريبة المثبتة بين ثلاث قوائم خشبية لتأخذ شكل مثلث حاد الزوايا ، ومن واحدة من هذه الزوايا تمتد قائمة خشبية متوسطة الطول لتكون عصا التحكم في شبكته. وحول رقبته وعلي كتفه الأخري يحمل كيسين من الرمال الناعمة ومعهما جبال من الأمنيات الضائعة .لامست أقدامه موج البحر فشعر ببرد اعتاد عليه منذ ستين عاما فتحول عناقا يشتاق إليه كل صباح . يبدأ في الدخول... الماء يرتفع ..يبكي يريد الذهاب للمدرسة. يغطي الماء قدميه..لابد أن يساعد عمه في البحر..يرتفع إلي كاحليه.. التعليم له ناسه ..بنت عمه تدخل الإعدادي ..يرتفع الماء حتي أعلي ركبتيه ..أحب الحورية .. الماء يزداد برودة ..العين لا تعلو علي الحاجب ..قدماه تتشبثان بالأرض .. ينزف الجرح ...هنية الخادمة علي قدك ...ابني سيجفف الدماء ويحول الملح سكر ..ألم الظهر يعاوده ...الأولاد يضحكون علي..رائحتي تفوح ... يتخلص بالتدريج مما يحمل من الرمال .. لن أذهب للمدرسة ...أنزل شبكته من علي كتفه ..لن تقرب البحر.. هوي بها علي البحر يشطره ..يقتحمه .. غرسها في رماله ..الموبايل لابد أن يكون بكاميرا.. .ضغط ثم سحب ..الكل يعمل هكذا ..ينخل البحر بشبكته... لابد أن تتزوجها ... تخرج الرمال من بين ثقوبها وتبقي من جاء من أجلها ..حفيدي سيداوي جرحي ويحول الملح سكر ... يقطر العرق من جبينه ..يختلط ملحه بملح البحر ..تنبت علي شفتيه نبتة صحراوية.. يشبه جدته الحورية.. يخرج إلي الشاطئ يضع ما معه...يقبل الحورية فيه.. يدخل مرة أخري ..يضمه إلي صدره ..يلقي بشبكته لآخر مرة.يدخل مرة أخري ، يحتمي بماء البحر ..سأربيه أنا...ينزع سرواله المبلل ..يملأ حقيبته بالأقلام ...يرفع يديه عاليا يدخلهما في أكمام القفطان الكالح ..الأستاذ عوض مسرور جدا..يدخل رأسه ...سأذهب للمدرسة والبحر..يتجه نحو الشاطئ .. التكريم كان في طابور الصباح...يحرر القفطان لينزل بالتدريج يواري ما كان يستره الماء . . الحورية تغوص في البحر .. علي الرمال يريح شبكته.. ينشر عليها سرواله..الحورية لم تعد .. يجلس القرفصاء يمسكها واحدة واحدة كحبات معقودة في مسبحته التي ورثها عن أبيه .إقرأ الفاتحة للحورية..يبدأ في عملية الفرز والتصنيف ...كانت تحبك مثلي ...هذه بلدي وتلك انجليزي وهذه صغيرة وتلك كبيرة ..الناس كانت مقامات في الحادية عشرة تأتيه جلجلة حماره العجوز يجر العربه الكارو وعليها سكر البحر جاء كعادته ليصحب جده في رحلة العودة. يتكئ علي كتفه الصغير ويصعد..يتمدد علي العربة مغلقا عينيه ومخفيا وجهه بقبعته القماش الدائرية ذات الأطراف المتهدلة تاركا لحماره مهمة الطريق بينما حفيده ينادي : حلوة يا أم الخلول


تم نشرها في أخبار الأدب العدد747

نوفمبر4/2007

35 comments:

Anonymous said...

الكريمة العزيزة الغالية / انتصار عبد المنعم
رائعة كلماتك
كعادتك دائما
حتى و لو هربتى من مكتوب
فسنظل نبحث عن كلماتك أينما وجدت
فقلمك متميز
و كلماتك لها مساحة مختلفة عن السائد
نجد فيها ما يمتعنا بحق
دمتى
ودام ابداعك
و تألقك
و فى انتظار التواصل يا أختى العزيزة

Anonymous said...

الحبيبه انتصار
معقول تركتي مكتوب؟
طيب اهنيكي علي مكانك هنا ولكن لا تتركينا فلك مكان قريب من القلب
لو لم تكوني بنت الاسكندريه وعروسه بحار لما خرجت اكلمات بهذه الروعه
لكي تحياتي يا غالية
cinderella

أفندينا said...

عندما قرأتها أحسست أن أنسب عنوان لها هو أحلام ضائعه ... هكذا الحياه ... المقهور سيظل مقهور ... والغني سيزداد غنى وعلى المتضرر رفع أكف الدعاء لله على من كان السبب في وصول الحال للمحال
=====
ما أروعها يا انتصار الجميل فيها أن من يقرأها يفسرها على هواه ... تقبلي خالص الود والتحيه يا سيدة الإسكندريه

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أستاذ عبد المجيد راشد
ما أشد سعادتي بكلماتك
لن أهرب من مكتوب أبدا لأن أهلي هم أنتم
وأصدقائي هم أنتم
كلماتك تاج أفتخر به دوما
شكرا لك أيها المناضل الشريف
سعدت بمعرفتك

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

ساندي الجميلة
لن أترك مكتوب لأني لا أستطيع
ولكن ربما هي أجازة أبحر فيها في بحار الأدب
أحببت لقبي التي أعطيتني إياه يا سندريلا
عروسة البحر
شكرا لك ولن أبعد عنكم أبدا
لك محبتي ومودتي

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أفندينا المعظم
تحية على مقدرتك الرائعة في الغوص فيما وراء الألفاظ
شكرا على إعجابك بها
وشكرا على لقبي الجديد
سيدة الإسكندرية
وبهذا أصبح إسمي
أستاذة المدونات وفقا للأخ عماد
وعروسة البحر وفقا لسندريلا
وسيدة الإسكندرية
كمنحة رسمية من أفندينا
شكرا لمحبتكم
تقديري لك أفندينا

Anonymous said...

تركتي مكتوب ولكن كلنا وراء مهما تذهبي .....
(((( دعوه ))))

للإجابه علي عشرة أسئلة محظوره .....

وواقعية جداً في حالنا العام .....

محتاجه رد بشجاعه وصراحه ....

أعتقد لازم نعرف إللي بيحصل حوالينا بعد الجواب عليها ....!!!!


تحياتي ...

Anonymous said...

العزيزة انتصار
على الرغم من أنك تركتي مكتوب , ولكننا دائماً نبحث عن جديدك , أمتعتينا يا ست الكل , والقصة جميلة اوى كعادتك دائما
أخوكي
حمادة زيدان
مش أحمد

Anonymous said...

لماذا تركتى مكتوب ايتها الصديقه الغاليه ؟؟
عبرتى بأفضل الاحاسيس عن المشاعر الانسانيه
هكذا انتى دائما يا انتصار رائعه جميله حساسه وراقيه

Anonymous said...

توقفت للحظه متسائلا هل انتي انتصار عبد المنعم التي نعرفها في مكتوب حتي قراءت التعليقات فانجلي الأمر امامي
يبدو ان لكي قلمين قلم للابداع و قلم للصراع
اينما تكوني سنتابعكم
مع خالص التحيه

Anonymous said...

سعدت باكتشاف مدونتك انتصار و الإستمتاع بتشبيهاتك الفنية الجميلة و أسلوبك القصصي البديع.
شكرا على تهنئتك لي و اليوم على مدونتي الحب في عينيي خرافة و باهت و حكاية محاها الزمن , إن شئت فمرحبا بك للقراءة عزيزتي

احمد الجيزاوى said...

رائعة فعلا رائعة
الوهبه نعمه حفظه الله لك
احمد الجيزاوى

Anonymous said...

استاذه انتصار..

بجد بجد قصه روعه

تداخل الماضى مع الحاضر

اسلوب فلاش باك

جاء كومضات

احكام التداخل جعلنا نعيش الحاضر

والماضى

بنفس الأحساس

فهو ذلك الطفل العجوز

الذى يتعب فى البحر

ويحارب من اجل ان يتعلم

اسلوبك بسيط

يمتلئ بالمشساعر

والأحاسيس

اتمنالك دوام التوفيق

اخوكِ نيجــر

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

باشمهندس هيثم أبو خليل
لن أستطيع ترك مكتوب
هناك الثورة
وهنا الأدب
سعدت بكل أهلى في مكتوب وهم حولي هنا في فتفوتة
***************
بالنسبة للأسئلة زرت المدونة وأجبت عن الأسئلة الإجبارية
أما الباقي أحلته على فضيلة المفتي يمكن يساعدني بحذف سؤال أو يصدر لي فتوى
تخلصني من الإجابة

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أستاذ حمادة
والله أنا أعلم أنك حمادة زيدان ولكني لا أدري كلما أكتب لك تعليقا في مدونتك أكتب أحمد
على العموم أنا تعليقي وإعجابي الذي كتبته لك في مدونتك هو لك أخي حمادة وليس لأحمد
شكرا على زيارتك لي هنا وأنا لن أترككم أبدا
أنتم أصدقائي وإخواني

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

حبيبتي نيفين
تحية لك
شكرا على كلماتك الجميلة
الرائع هو أنت يا صديقتي
وبحر اسكندرية ورماله هو الذي يعطينا هذا الرقي
ويعطينا بعضا من أسراره فنكتبها

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

يبدو ان لكي قلمين قلم للابداع و قلم للصراع
****************
الله على كلامك دكتور أحمد
هناك في مكتوب قلبي الثائر مع الثوار
وهنا قلبي الثائر مع الحروف
وأنت خير من يعلم ثورة القلوب شعرا أيها الشاعر الجميل
تحية لك
تقديري لزيارتك وكلماتك الرائعة

Anonymous said...

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة والاخوات الاعزاء الافاضل
بكل الحب والود اطرح عليكم فكرة تاسيس
اتحاد المدونين المصريين
واتمنى ان تشرفونا بالزيارة على المدونة المقترحة للاتحاد
وابداء الراى فى
ميثاق الشرف
والائحة التنظيمية
واهداف الاتحاد
ويمكنك كتابة رايك فيما هو موجود وابداء الملاحظات التى تثرى العمل
وللانضمام للاتحاد اكتب طلب الانضمام فى سجل الزوار
العنوان
http://egyptadwin.maktoobblog.com
الى اللقاء وفى انتظار تواصلكم
عن المؤسسون
حسن توفيق
هيثم ابو خليل
عضوا اتحاد المدونين العرب

تفضل بترك طلب العضوية فى سجل الزوار

Mustafa Rizq said...

لامست أقدامه موج البحر فشعر ببرد اعتاد عليه منذ ستين عاما فتحول عناقا يشتاق إليه كل صباح


استوقفتني كثيرا... جدا
و مازالت

تحياتي

إبراهيم السيد said...

سعيد بمروري و بقراءة النص للمرة الثانية

تحياني

أفندينا said...

تحيه تقدير وموده لسيده الإسكندريه
أخوك

ahmed mefrh said...

بصراحه اول مره اتشرف بدخول تلك المدونه كنت اعتقد استاذه انتصار ان مقالاتك هى افقك و لم اعرف بان وراء تلك المثالات ادب راااائع و فن بديع

تحياتى اليك
ابو مفراح

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

اتحاد المدونين المصريين

أتمنى لكم التوفيق

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

mr
شكرا يا مصطقى على تعليقك الراقي

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

ابراهيم السيد
الشاعر الجميل
شكرا على زيارتك
وأتمنى لديوانك النجاح ومبروك عليك

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أفندينا المعظم
لا أدري كيف أصف السعادة
التي تدخلها على قلبي عند تشريفك لنا
وأشكرا على اللقب السامي الذي تفضلتم به علينا
سيدة الإسكندرية

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أستاذ أبو مفراح
أشكرك على كلماتك
التي تشرفت بها
وسعدت بها
لك مني كل الود والإحترام

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

أحمد سعيد
والله لم أنس
أنا عندما قرأت تعليقك فرحت به وذهبت وكتبت الرد في مدونتك أنت ونسيت أن أكتبه هنا
سامحني
لا تعتقد أني تجاهلته
كما قلت لك
تحليك الواعي هذا يبشر بشئ عظيم لك
أمنياتي لك بالتوفيق

محمد مارو said...

الف مبروك على التغير الجديد
و انضمامك للبلوج سبوت

أفندينا said...

سيدة الإسكندريه الغاليه
مجرد زياره للسلام والإطمئنان عليكي
سلامي لك دائماٌ

KHALED said...

اسمحيلى ارفع القبعة ......!؟
ولو انى مابلبس قبعات .. المهم ..
اناتعمدت انى ماعلقش على البوست دة الا لما أقراة مرة تانية
وبجد انك تفرشى المساحة الكبيرة دى فى الكلمات القصيرة دى عن بياع ام الخلول
وتوقفينا معاة و هوا بيصطاد وبعدين تقومى مرة واحدة راميانا وراا فى الماضى وبعدين تشدينا للحاضر
انا بجد دخت ........!؟
فتوتة رائعة من صاحبة الفتافيت الجميلة

خالد

Anonymous said...

للبحر حوريات مبدعه

للبحرحوريات مبدعه هاهى الكاتبه المبدعه انتصارعبد المنعم تدخل بنا الى عالم الصيادين 00 علاقات البحر بالناس وعلاقةالناس بالبحرفى تناغم مبدع يدخلك مسحوراالى عالمها - وهى الاسكندرانيه- لتغوص معها داخل النفس البشريه لتجدنفسك واحدا من هؤلاء الشخوص جدا حفيدا او أنك البحرذاته وتدخل هذا الصراع الأبدى بين الطبيعه والنفس البشريه لتخرج مبتلا بماء البحر او عاشقا لعالم انتصار القصصى

الشاعر نور سليمان

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

محمد مارو
أفندينا المعظم

خالد

أعتز بكم جميعا
أشرف بمروركم

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

نور سليمان
الشاعر الرقيق

شكرا
طوقتني بمديحك الباذخ الكرم

شكرا على حفاوتك وتقديرك لي أثناء المؤتمر
لك كل الود والتحية

انـتــصار عــبـد الــمـنـعـم said...

: فى الواحدة
والليلُ يطلبُ موعدهُ
تنمو القصيده والأناملُ مجهده
جاءت نهى
: وأنا الملمُ ما تبقى من حروفٍ فوق نارٍخامده
فتسللت عبر المقاعد والجرائدِ والنقوش البارده
حين أستوت فوق الأريكة طفلتى
تتأمل الوجه المفصد والعيون الجامده
دقت بقبضنها
فأفزعت القلم
: فترنحت كل الحروف
تبدلت كلماتها
صارت شجر _ _ حجراً _ _ حجر
ونهى تعاود دقها متعمدة

نــور سليمان