الواحدة ليلاً , يدخل بجلبته المعتادة, يلقي بمفاتيحه وجراب نظارته على طاولة الطعام , وبشوق يكاد يقفز من عينيه يخرج محفظة نقوده المتضخمة , و يبدأ في عد النقود وتصنيفها إلى فئات , عشرات ، مئات ....، ينهض , يدخل حجرة النوم , لا يرى من تحكم الغطاء على جسدها كأنها جسد مسجى ، يخرج حقيبة سوداء من خزانة ملابسه ، و يضع فيها النقود ، يريحها حتى الصباح ليهرع بها إلى البنك ، لتنضم إلى سابقيها . تتحرك يده تتحسس جيب بنطاله الأيمن ، يظهر الارتياح على وجهه ، يخرج منديلا كالحاً يأخذ شكل الصرة , يفك الصرة ، ينظر إلى ما تحتويه بفرح طفولي , يحنى رأسه ، و يتشمم ما فيها ويقبله كحجر مقدس , يربط المنديل كما كان ، ويريحه تحت الوسادة التي ينام عليها ويغمض عينيه ، ويده اليمنى تقبض على خبيئته المندسة تحت الوسادة .
في يوم الأحد يستيقظ مبكراً جداً , يخرج المنديل الكالح , يقبل مافيه ويضمه الى صدره ثم يربطه مرة أخرى و يضعه كالعادة في جيب بنطاله الأيمن ويخرج , لا ليحضر قداس الصباح في كنيسة مار جرجس الملاصقة لبيته ، ولا ليدخل حجرة الإعتراف ليجلس وراء بابها وهو يعلم أن الأب متى يسمعه ، بل يطرق باب جاره أحمد ويصطحبه للبورصة .
يتابع أخبار الأسهم , عيناه معلقتان على الشاشة الالكترونية ويده تقبض على خبيئته ، ترتفع قيمة الأسهم ويزداد فرحاً وقبضته تشتد على المنديل وما فيه , وتتضخم النقود ويزداد تشبثه بالمنديل .
كل ذلك والحال كما هو ، سيارة عادية ، وملابس عادية ، وأحلام عادية، وخبيئته كما هي في المنديل كالح ، فالسيارة الحديثة تبعث الحقد والحسد في قلوب البشر , والملابس الجديدة كماليات ، والصغير لابد أن يلبس ملابس الكبير , والكبير لابد أن يصبر فهو ليس بأفضل ممن ترهبن ونبذ الحياة الدنيوية من أجل الحياة الأبدية , والمنديل الكالح وما فيه هو إرثه من أبيه الراحل وهو سر نجاحاته وتميمته التي لا تفارقه أبداً ، ؛ حتى البسمة لا تزور وجهه إلا وهو يفك المنديل ويرى ما فيه , فقد أعجبته يوما مقولة لا يدري من قالها أهو جاره بطرس أم جاره أحمد من أن أحدهم قال ( لا أبتسم و.... أسير ) و نسى الكلمة المقصودة أهي الأقصى , أم كنيسة القيامة , فالأمور لديه عادية ولا يخضع لأي سلطة روحية , يكفيه الحظ والسعادة اللذان يشعر بهما عند رؤيته لخبيئته .
وتمر الأيام , ومنديله في رحلته اليومية المعتادة , مابين جيبه وأشواقه ووسادته ..والنقود تتضخم ، وعلاقاته بالآخرين تتقلص ، ولكنه لا يشعر بأي مشكلة , فهو على الأقل لن يكون كأبيه الذي مات ولم يترك خلفه غير منديل كالح به نصف جنيه وقطعة حشيش !
في يوم الأحد يستيقظ مبكراً جداً , يخرج المنديل الكالح , يقبل مافيه ويضمه الى صدره ثم يربطه مرة أخرى و يضعه كالعادة في جيب بنطاله الأيمن ويخرج , لا ليحضر قداس الصباح في كنيسة مار جرجس الملاصقة لبيته ، ولا ليدخل حجرة الإعتراف ليجلس وراء بابها وهو يعلم أن الأب متى يسمعه ، بل يطرق باب جاره أحمد ويصطحبه للبورصة .
يتابع أخبار الأسهم , عيناه معلقتان على الشاشة الالكترونية ويده تقبض على خبيئته ، ترتفع قيمة الأسهم ويزداد فرحاً وقبضته تشتد على المنديل وما فيه , وتتضخم النقود ويزداد تشبثه بالمنديل .
كل ذلك والحال كما هو ، سيارة عادية ، وملابس عادية ، وأحلام عادية، وخبيئته كما هي في المنديل كالح ، فالسيارة الحديثة تبعث الحقد والحسد في قلوب البشر , والملابس الجديدة كماليات ، والصغير لابد أن يلبس ملابس الكبير , والكبير لابد أن يصبر فهو ليس بأفضل ممن ترهبن ونبذ الحياة الدنيوية من أجل الحياة الأبدية , والمنديل الكالح وما فيه هو إرثه من أبيه الراحل وهو سر نجاحاته وتميمته التي لا تفارقه أبداً ، ؛ حتى البسمة لا تزور وجهه إلا وهو يفك المنديل ويرى ما فيه , فقد أعجبته يوما مقولة لا يدري من قالها أهو جاره بطرس أم جاره أحمد من أن أحدهم قال ( لا أبتسم و.... أسير ) و نسى الكلمة المقصودة أهي الأقصى , أم كنيسة القيامة , فالأمور لديه عادية ولا يخضع لأي سلطة روحية , يكفيه الحظ والسعادة اللذان يشعر بهما عند رؤيته لخبيئته .
وتمر الأيام , ومنديله في رحلته اليومية المعتادة , مابين جيبه وأشواقه ووسادته ..والنقود تتضخم ، وعلاقاته بالآخرين تتقلص ، ولكنه لا يشعر بأي مشكلة , فهو على الأقل لن يكون كأبيه الذي مات ولم يترك خلفه غير منديل كالح به نصف جنيه وقطعة حشيش !
25 comments:
جميله اوي
كم كان يحدثني منذر عن كتابتك ولكن لم اكن اتوقع روعتها كهذه
اسلوب رائع فى وصف التفاصيل كالعادة
تحياتى
السلام عليكم
قصة بها معني واضح جدا في اعتقادي وهو من يغيب عن الحياة وما تدور حوله ولا يهتم ال بنفسه ونسي كل شئ فهو في واد والناس في واد اخر
من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم
جميل ومرهف فعلا
عجبني تحليلك عن رواية تغريدة البجعه ايضا
محمد
سعدت بمرورك
شكرا على ذوقك
منذر أخ عزيز
لكما كل أمنياتي بالتوفيق
الفنان الرائع خالد
تحياتي وتقديري لمرورك
أمنياتي بالمزيد من الابداع
son s egypt
نظرتك وتفسيرك للنص مميزان
ودي وتقديري
نهى
محبتي وتقديري لك
أمنياتي بحياة رائقة مليئة باصدارات مميزة دوما
الصديقة انتصار عبدالمنعم مودتي
قصة منسجمة سرديا
ركزت على شخصية البخيل الجشع
الذي يعرف من أمور الحياة غير اكتناز الثروة...
صورة ساخرة من واقع آسن..
دمت متألقة
الأديب
عبدالرزاق جبران
م المحيط للخليج
أخت انتصار .. تصويرك للبخيل كان رائعا في سخرية لطيفة ..
دمت متألقة
مع الود
الأديب
فيصل الزوايدي
تشريح للبخل في أجمل صوره
دمت متألقة
مودتي
الأديب
ناس حدهوم أحمد
من قالها أهو جاره بطرس أم جاره محمد...
..ونسي الكلمة المقصودةأهي الأقصى , ام كنيسة القيامة...
سخرية لاذعة من واقح حياتي ضاعت منه البوصلة أمام قوة مغناطيس المال..
تحياتي استاذة انتصار
الأديب أحمد السقال
المغرب
نص جميل وطريف بسردية رائعة
دمت مبدعة عزيزتي انتصار
تحياتي لك
الأديبة السورية
مريم العلي
استاذه انتصار كيف حالك
كوني هنا دائما
لا تبتعدي كثيرا
الأخت الفاضله الأستاذه إنتصار
أخبارك إيه
منذ فتره وانت متغيبه عن الكتابه لعل المانع خير
تحياتي
أحمد خفاجي
العزيزة إنتصار
صورة واضحه للبخيل الذى يرى متعته الوحيدهفى إكتناز المال والقرب منه
راااائعه بطرحك وموفقه
أمنيه إبراهيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اسال نفسى دائما لماذا لا يقع حظى الاالمدونات الرائعة والتى تبين لى ما عليه مدونتى من البساطه بل قل الطفوليه برغم سنى الكبير...ولكن عذررى انى لا ابغى الشهرة وعزائى انى استطيع التمتع بالمدونات الرائعة مثل مدونتك.هى اول زيارة لى ولكن سيتبعها زيارات كثيرة
تقبلى تحياتى
norahaty
بأختصار راااااااائعه
هما الأسكندرانيه كده كلهم مواهب d:
تحياتي وفي أنتظار جديدك
مررت من هنا
أحببت أن ألقي تحية المساء
مساؤك عطر يا استاذه
تحياتي
و
محبتي
فينك يا أستاذة
لا هنا ولا في مكتوب ولا بتردي
على الإيميلات
طمنينا عليكي
أمجد
حلو جدا يا انتصار ..
سعدت بزيارة مدونتك الراقية
شكرا لك
سميرالفيل
حلو جدا يا انتصار ..
سعدت بزيارة مدونتك الراقية
شكرا لك
سميرالفيل
انتصار وما ادراك ما تفكر فيه بطيختك يا غزيزتي
لديناشهادات أكثر ، ومنطقٌ أقل ؛ ولدينا معرفة أكثر ، وحكمة أقل .
لدينا خبراء أكثر ،ومشاكل أكثر ؛ ولدينا أدوية أكثر ، وعافية أقل
لقد تعلمنا كيف نكسب رزقنا، ولم نتعلم كيف نحيا ؛ لقد أضفنا سنوات إلى حياتنا ، ولم نضف حياة إلى سنوات عمرنا
لا تحتفظ بشيء لمناسبة خاصة ، لأن كل يوم تعيشه هومناسبة خاصة .
ابحث عن المعرفة ، واقرأ كثيرا ، واجلس في شرفة منزلك الأماميةواستمتع بالمنظر بدون أن تلتفت إلى حاجاتك .
اقض مزيدا من الوقت مع أسرتكوأصدقائك ، وتناول الأطعمة التي تفضلها ، وقم بزيارة الأماكن التي تحبها .
الحياة سلسلة من اللحظاتالممتعة، وليس مجرد البقاء على قيد الحياة .
دمتي بخير ولتبقى تدويناتك تعظينا ضوء لنكون اكثر عملية وصراحة
أم الميييس
قصه رائعه فعلا
اتمنى للك التوفيق
قصه رائعه فعلا
اتمنى للك التوفيق
Post a Comment