تتنافس الكثير من المنتديات والمواقع والمدونات الأدبية فيما بينها لإثبات جدارتها وتميزها عن غيرها . قد يأتي هذا التنافس في صورة اختراق لموقع ما ، في محاولة لتدمير قاعدة بياناته مثلما حدث مع "دروب والورشة" وغيرهما من المواقع التي صمدت أمام محاولات القرصنة المتتالية .
وقد يكون تنافسا مشروعا يحرص على تقديم نوع مميز من أشكال الأدب .
ولذلك لم تكتف بعض المنتديات والمواقع بأن تكون صفحة لإدراج عمل والتعليق عليه فقط ،بل تسابقت في مجال النشر الإلكتروني لكتب كاملة تضم أعمال أعضائها،بل انطلقت من الفضاء الإلكتروني للنشر إلى النشر الورقي أيضا .
فمنتدى " شبكة القصة العربية" أصدر بالفعل كتابه الأول الذي يضم مختارات من أعمال أعضاء المنتدى الذي يضم أدباء لهم وزنهم من كل دول الوطن العربي ، ويعد حاليا لإصدار كتابه الثاني .
ويبادر "منتدى من المحيط إلى الخليج" فينشئ قسما خاصا بالنشر الإلكتروني أصدر كتبا رقمية تضم أعمال الأعضاء باللغة العربية ، وأيضا كتبا مترجمة إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية .ثم توسع ليشمل قسما خاصا بالنشر الورقي ،كان من ضمن اصداراته كتاب (بوسع قلبي ) باللغة البولندية ليصبح في يد أعضاء المنتدى في نفس وقت صدوره ببولندا .
وموقع "الورشة" الذي اتخذ من مقولة أمل دنقل (للحقيقة والأوجه الغائبة ) شعارا منذ نشأته ليرفض التسجيل بأسماء مستعارة أو وهمية ، فأثبت تواجده بقوة في عامين فقط ليضم أدباء وفنانين أثبتوا من قبل وجودهم المميز في ساحة النشر الورقي . ولكنهم اتفقوا على أن يوثقوا صداقتهم في كتاب ورقي مشترك أطلقوا عليه (كتاب الورشة الأول) كمحاولة للقاء أبدي أدبي لا يفرق بين المشرق والمغرب العربي . بل وظهرعلى صفحاتها أدباء لم تتح أمامهم فرص النشر الورقي معتمدين على الموقع الذي أصبح التواجد بين أعضائه شهادة ميلاد لجيل جديد من أدباء العالم الافتراضي .
ومؤخرا ، اتجه الكثير من الأدباء الكبار إلى شبكة الإنترنت بهدف الترويج لإصداراتهم الجديدة أو لحفلات توقيع أعمالهم . فظهرت مدونات ومواقع بأسماء الأدباء ، ومجموعات بريدية تحمل أسماء اصداراتهم .
ولجأ إلى شبكة الإنتنرنت أيضا أدباء المهجر للتواصل مع عالمهم العربي الذي نزحوا عنه بحثا عن فرص لحياة آمنة بعيدا عن القصف والاضطهاد والحروب ، أو لكسر حاجز الغربة المكانية والزمانية .فظهرت أسماء كثيرة لقامات عربية أدبية كبيرة مثل الشعراء يحيى السماوي المقيم في استراليا ، وسامي العامري المقيم في كولونيا ، والأديب التونسي كمال العيادي من ألمانيا .
ووجد الأدباء الذين فرضت عليهم ظروف الحياة والعمل خارج أوطانهم في شبكة الانترنت فرصة دائمة لكسر حاجز القطيعة أو الغياب عن المشهد الثقافي المتنامي بصورة متسارعة ،مثل الشاعر والصحفي محمد عبد الحميد توفيق ، والأديب محمد البوهي في الكويت ، والشاعرين السوري وفائي ليلا والمصري دكتور أحمد يحيى في البحرين .
ووجد البعض فرصا للتواصل والتلاقح الأدبي بين المشرق والمغرب لا تتوافر مع حواجز الجغرافيا والمال والوقت ، مثل الأديبة والمترجمة التونسية آسية السخيري التي تتقدم الكثير من الأسماء في حركة الترجمة من العربية إلى الفرنسية على شبكة الإنترنت .
وهناك أيضا أدباء نشروا أعمالهم في المنتديات والمواقع الأدبية المحترمة ثم قاموا بعد ذلك بتجميع تلك الأعمال ليضمها كتاب ورقي ،ومنهم الأديبة الجزائرية سهيلة بورزق ومجموعتها (كأس بيرة )، بل فعل ذلك الروائي مكاوي سعيد في مجموعته القصصية الأخيرة (سري الصغير ) التي اشتملت على مجموعة من القصص كان قد سبق له نشرِِها نتيا .
وبين كل هؤلاء يوجد مجموعة من الأدباء الحقيقيين الذين لم تتح أمامهم فرص للنشر الورقي فاعتمدوا فقط على المنتديات الأدبية لاثبات تواجدهم .
ورغم كل هذا فالصورة ليست مشرقة دوما ، فهناك الكثير من المنتديات الأدبية لا تتعدى كونها ساحة للتراشق والشجار بين الأدباء . وهناك منتديات ينتحل أصحابها صفة الحفيد أو الوريث الشرعي لكاتب راحل كبير ، ثم يقوم بتوجيه إيميل لقائمة طويلة من الأسماء يقوم بتجميعها من هنا وهناك ، يخبرهم جميعا أنهم من المحظوظين الذين وقع عليهم الاختيار ضمن أفضل مائة أديب عربي وأن هناك احتفالية على شرفهم في منتداه ويعطيهم جميعا نفس الرابط . ثم يتحول المنتدى إلى قعدة مصاطب للترحيب والتهنئة بالعضو الجديد الذي لا يعرف أنه أصبح عضوا رغم أنفه ، بل ويتم استغلال اسمه لضم أعضاء جدد .
وظهرت أيضا مدونات أدباء الدقيقة والنصف ، أو أدباء القص واللصق ، الذين يسرقون ما كتبه الآخرون مع بعض التصرف بالحذف أو الإضافة . وفي لمح البصر يتلقى الترحيب والإشادة بهذا الإبداع من أمثاله من أدباء الفجأة . ثم يصدق نفسه و يبدأ في نقد المشهد الثقافي المتردي الذي لا ينتبه لأمثاله من أدباء النقرتين ؛ قص ولصق.
انتصار عبد المنعم
No comments:
Post a Comment