مقامات العشق في ديوان
أجمل الشعر ما ارتبط بالوجدان ،ولا أبلغ من الشعر المستلهم من الحس الصوفي في التعبير والكتابة حيث تتماهى كل المعاني في مفهوم العشق كطريق يعبر به المريد ويرتقي من مقام إلى آخر أملا في الوصول إلى سدرة منتهاه وكل مشتهاه. وتتجلى تلك المعاني بوضوح في ديوان"ألم المسيح ردائي" للشاعرة فواغي القاسمي ،وهي شاعرة إماراتية تكتب القصيدة العمودية والتفعيلة والشعر الحر، لها مسرحيتان شعريتان"ملحمة عين اليقين" و"الأخطبوط "، و"أي ظل يتبعني" مختارات شعرية،و (موائد الحنين) ديوان . وتم عرض أعمالها المسرحية على مسرح دار الأوبرا المصرية .
تناولت في ديوانها ( ألم المسيح ردائي ) كل صنوف العشق بمفهومه الصوفي الذي يهدف إلى التغلب على الغربة التي يعانيها المريد منذ غربته الأولى عند خروجه من الجنة والنزول إلى الأرض،تلك الغربة التي أشار إليها ابن عربي بقوله :"إن أول غربة اغتربناها وجودا حسيا عن وطننا، غربتنا عن وطن القبضة عند الإشهاد بالربوبية لله علينا، ثم عمرنا بطون الأمهات فكانت الأرحام وطننا فاغتربنا عنها بالولادة"
في الديوان تتجلى نظرة الشاعرة للحب على أنه انعتاق الروح لتتحد مع المعشوق سواء كان رب العالمين الذي يمثل لها الحب اليقين وهو مهربها حين تشتد عليها الخطوب ، أو مع الوطن الذي تخبئه في حنايا روحها ، أو هذا المكان الذي مرت به وتركت به جزءا من ذكرياتها ، أو ذاك الرجل الذي أودعته قلبها العاشق الأنثوي، فثورة القلب حين يحب أليفه هي تماما ثورته من أجل حرية وطنه حين تُسلب منه قطعة لتصبح جرحا لا يندمل أبدا. جاء مفهوم العشق في الديوان كشئ أزلي يلف الواجد والموجود، فلا حواجز ولامكان ولا زمان، بل مقامات تتجاوزها أملا في الوصول . بدأت الشاعرة بالحب الأبدي السرمدي الذي يربط النقطة بالمحيط ، الذي يعيد الروح لتستقر عند منبع تكوينها ، الذي يعيد شعاع النور لمركز النور فيفيض ويشرق على الكون ، هذا هو الحب اليقين الذي تلوذ به في بداية ديوانها تطلب السلام " تسابيح القرب" ( أنت سبحانك لا تحصى بأعداد هباتك/ اجعل الكون سلاما لعباد هم تقاتك). وعندما يفيض عليها وعلى الكون سلاما تمسك قيثارة العشق والجوى تعزف أولى قصائد الحب الأزلي" ترنيمة عشق إلهية" (إلهي لقربك تشتاق نفسي / فقربك وصل ووصلك أنسي/ونورك وهج يضيء دروبي / يبدد خوفي وحزني ويأسي) .بل أنها تعاتب العلماء الذين يتدخلون في علاقة المريد بربه فجعلوا أنفسهم رقباء حتى على دعوات المحب لحبيبه في خلوته السرمدية حين لا يعي اللسان ما يلهج به؛
(علماؤنا يفتون بالتكفير/والتجريم.. والتحريم/ديدنهم ، كما دوما هم/سرد المآثم والوعيد/وكل ألوان العذاب/ويقينهم حتى الدعاء لبعضنا/بالنصر في ردع الأعادي/عن حياض ديارنا/كفر بدين محمد/يا للعجاب!!)
و تتناول الوطن وعلاقتها الوشيجة به خاصة عندما تتحدث عن جزء محتل "جف اليراع" و"طنب الجريحة" بل يتجلى الحس القومي عندما تتحدث عن فرقة الأمة العربية "قمم الضجيج".
و تظهر فيها حواء الرمز ، تظهر فيها المرأة العاشقة لآدم الرجل، تعشق كأنثى تهفو لصدر حبيب تأوي إليه روحها المشبعة بذرات الحب ، فتأتني بعض القصائد التي تشير لأدم الرجل في خفر العذارى، وبعضها تشير إلى المعشوق في المطلق دون افصاح جلي مثل "يا عذابي من غرامي"، و"شوق ولهيب"، و"غرام وشجون"، و"ما على الدهر ملام"، و"أرق الزمان لصبوتي"، و"محاكاة"، و"سلام سلام"، و"كم ليل العاشق ممتد!"، و"نجم العشاق.. حنانيك بمهجتي"، و"أعد لي قلبي يا سارقه"، و"عهود الغرام"، و"دع انعكاسك في ذاتي"، و"لا تسلني من أكون"، و"خلب الغرام جنانا"، و"زائري في ليلة صيف".
تناولت في ديوانها ( ألم المسيح ردائي ) كل صنوف العشق بمفهومه الصوفي الذي يهدف إلى التغلب على الغربة التي يعانيها المريد منذ غربته الأولى عند خروجه من الجنة والنزول إلى الأرض،تلك الغربة التي أشار إليها ابن عربي بقوله :"إن أول غربة اغتربناها وجودا حسيا عن وطننا، غربتنا عن وطن القبضة عند الإشهاد بالربوبية لله علينا، ثم عمرنا بطون الأمهات فكانت الأرحام وطننا فاغتربنا عنها بالولادة"
في الديوان تتجلى نظرة الشاعرة للحب على أنه انعتاق الروح لتتحد مع المعشوق سواء كان رب العالمين الذي يمثل لها الحب اليقين وهو مهربها حين تشتد عليها الخطوب ، أو مع الوطن الذي تخبئه في حنايا روحها ، أو هذا المكان الذي مرت به وتركت به جزءا من ذكرياتها ، أو ذاك الرجل الذي أودعته قلبها العاشق الأنثوي، فثورة القلب حين يحب أليفه هي تماما ثورته من أجل حرية وطنه حين تُسلب منه قطعة لتصبح جرحا لا يندمل أبدا. جاء مفهوم العشق في الديوان كشئ أزلي يلف الواجد والموجود، فلا حواجز ولامكان ولا زمان، بل مقامات تتجاوزها أملا في الوصول . بدأت الشاعرة بالحب الأبدي السرمدي الذي يربط النقطة بالمحيط ، الذي يعيد الروح لتستقر عند منبع تكوينها ، الذي يعيد شعاع النور لمركز النور فيفيض ويشرق على الكون ، هذا هو الحب اليقين الذي تلوذ به في بداية ديوانها تطلب السلام " تسابيح القرب" ( أنت سبحانك لا تحصى بأعداد هباتك/ اجعل الكون سلاما لعباد هم تقاتك). وعندما يفيض عليها وعلى الكون سلاما تمسك قيثارة العشق والجوى تعزف أولى قصائد الحب الأزلي" ترنيمة عشق إلهية" (إلهي لقربك تشتاق نفسي / فقربك وصل ووصلك أنسي/ونورك وهج يضيء دروبي / يبدد خوفي وحزني ويأسي) .بل أنها تعاتب العلماء الذين يتدخلون في علاقة المريد بربه فجعلوا أنفسهم رقباء حتى على دعوات المحب لحبيبه في خلوته السرمدية حين لا يعي اللسان ما يلهج به؛
(علماؤنا يفتون بالتكفير/والتجريم.. والتحريم/ديدنهم ، كما دوما هم/سرد المآثم والوعيد/وكل ألوان العذاب/ويقينهم حتى الدعاء لبعضنا/بالنصر في ردع الأعادي/عن حياض ديارنا/كفر بدين محمد/يا للعجاب!!)
و تتناول الوطن وعلاقتها الوشيجة به خاصة عندما تتحدث عن جزء محتل "جف اليراع" و"طنب الجريحة" بل يتجلى الحس القومي عندما تتحدث عن فرقة الأمة العربية "قمم الضجيج".
و تظهر فيها حواء الرمز ، تظهر فيها المرأة العاشقة لآدم الرجل، تعشق كأنثى تهفو لصدر حبيب تأوي إليه روحها المشبعة بذرات الحب ، فتأتني بعض القصائد التي تشير لأدم الرجل في خفر العذارى، وبعضها تشير إلى المعشوق في المطلق دون افصاح جلي مثل "يا عذابي من غرامي"، و"شوق ولهيب"، و"غرام وشجون"، و"ما على الدهر ملام"، و"أرق الزمان لصبوتي"، و"محاكاة"، و"سلام سلام"، و"كم ليل العاشق ممتد!"، و"نجم العشاق.. حنانيك بمهجتي"، و"أعد لي قلبي يا سارقه"، و"عهود الغرام"، و"دع انعكاسك في ذاتي"، و"لا تسلني من أكون"، و"خلب الغرام جنانا"، و"زائري في ليلة صيف".
وتمضي فواغي عشقا و يقترن حبها لكل ما في الكون بألم يلفها روحا وجسدا ، هذا الألم الذي يغلفها كرداء لا تستطع الفكاك منه ( ألم المسيح ردائي) ، و تتقلب في الألم وهي ترى شماتة الفرحين بعذاباتها ، وتجور عليها نائبات الزمان فتستشعرها غصة في حلقها ؛ ( شيئان لا يقوى العزيزعليهما ...ظلم القريب وغربة الأوطان ِ/ما بال هذا الدهـر يثقل كاهلي... بكليهما و بقسـوة البهتانِ)
وتكثر المحن وتحيط بها ولكنها لا تستسلم بل تقاوم وإن كانت تلك المقاومة هي تلبس للعذاب :(فصنعت من جور الزمان قلادتي/ونسجت من ألم المسيح ردائي).
وتكثر المحن وتحيط بها ولكنها لا تستسلم بل تقاوم وإن كانت تلك المقاومة هي تلبس للعذاب :(فصنعت من جور الزمان قلادتي/ونسجت من ألم المسيح ردائي).
يظهر في الديوان التجانس بين المفردات المستخدمة والإيقاع السائد في القصائد ، نستشعر ذلك في التناغم الذي يتجلى كعزف سينفونية واحدة تعلو حينا وتهدأ حينا آخر ، فهي تسير ناعمة في حالة الوجد الصوفي ثم تثور وهي تتحدث عن الوطن السليب، وبين هذا وذاك ايقاع مختلط يتناسب مع موضوع كل قصيدة .
ربما نبع هذا التناغم من تنوع الأوزان التي استخدمتها الشاعرة التي تنقلت بين الرمل والكامل والمتقارب والبسيط والمتدارك والوافر ، وأيضا اسلوبها البسيط غير المتكلف في التعبير ونحت صورها الشعرية الخاصة بها والتي تسير على نفس النهج الروحي الصوفي من أجل الترقي إلى حيث مصدر النور السرمدي
مجلة أكتوبر العدد1714
No comments:
Post a Comment